علاقة الدين بالسياسة (ثورة العشرين أنموذجياً)
يهدف هذا البحث إلى بيان مفهوم السياسة من وجهة نظر الدين والعلاقة بينه وبين السياسة من خلال بيان أن الدين يعني: (معرفة وطاعة حسب النهج الإلهي )، وذلك أن له أصول تمثل: (الأسس التحتية لفكر الإنسان وسلوكه العقائدي والفكري )، وفروع تمثل: (الأمور التي ترتبط بعقيدته وسلوكه الفكري والنظري، ترتبط بأفعاله)،ووظيفة، تتجسد في: (تنظيم حياته الفردية والاجتماعية و إرشاده إلى ما فيه خيره و صلاحه عبر مجموعة أحكام توجه سلوكه العملي)، فالدين: معرفة و طاعة ، معرفة بأصول الدين و قبولها، و طاعة في فروعه، وسلوك في تطبيق أحكامه حسب النهج الالهي، وكذلك بيان أن السياسة من وجهة نظر الدين ما هي إلا: طريقة تطبيقية تحفظ الحقوق والمصالح وتحقق المنافع وتقطع التجاذبات وتحل التقاطعات وتضمن المستقبل، وهذه كلها الاهداف التي تبغي تحقيقها الاحكام الشرعية والغاية من وراء نزولها وتشريعها، وهي بهذا فن من الفنون وليست علم، وناتجة من نفس النسيج (الاسلام)، لذا فهي محكومة بالأصول ومحدودة بالفروع ومقيدة بالسلوكيات التي يوجبها المنهج الإلهي، حيث تقتضي فيما تقتضي على ذلك وجود السائس لها ووضع الخبير بها لقيادة دفتها، أي: (الحاكم)، وبهذا تفترق السياسة الدينية عن السياسة غير الدينية، والتي تهتم بالحاكم وشكل الحكم وتعيّنه وتنصبه ليقود الناس ويرعى مصالحهم ويطور حياتهم وفق الأسس الفكرية التي يؤمن بها والأحكام التي يصدرها، فالاختلاف بينهما مبدئ وليس شكلي أو سلوكي، وبهذا كانت محاولة البحث الإجابة عن الاشكال أو الاشكالية القائمة على دعوى ضرورة فصل الدين عن السياسة والمستندة في إلى الاختلاف السلوكي في التطبيق، حيث لم تجب عنها الدراسات السابقة من هذه الزاوية بشكل مفصل بل أشارت إليها بشكل مختصر ومقتضب جداً واكتفت بمرور الكرام فوسعنا البحث فيها، كما أنها لم تتطرق إلى تحليل هذه الشبهة وتتبع جذورها وتحديد مفاداتها التي تخالف حقيقة الدين ولست سلوكياته، وقد توصلت هذه الدراسة إلى أن مفهوم الدين للسياسة مختلف عن المفهوم الحاضر لها، وأن دعوى الفصل ما هي إلا دعوة اقصاء الدين عن الحياة العملية وحصره في الزاوية التراثية وهو مخالف لواقعه ولا ينبغي الاصغاء لها، وأن السياسة وفق المفهوم الديني ضرورة لازمة للتطبيق وأن الحاكم فيها ما هو إلا أداة من أدوات التطبيق وليس مقدساً كما هو اليوم لا يمكن المساس به، وان التصدي لمنصبة واجباً وجوباً كفائياً تارة وعينياً تارة أخرى، واستدلت على ذلك بثورة العشرين وتصدي الفقيه المرجع آية الله العظمى محمد تقي الشيرازي، وقد توصلت الدراسة إلى هذه النتائج بواسطة استخدامها للمنهج الوصفي والاستقرائي والتحليلي.