القرآنيـة في علويَّات الشيخ صالح الكوَّاز الحلي
القرآنية:-هي آلية من ألآليات التي يتوسل بها المبدع في تشكيل نصوصه الإبداعية من جهتي الرؤى و الأنساق، بنية و إيقاعا"، بحسب سياق القرآن الكريم.و مثلت (علويات) الشيخ صالح الكواز الحلي و هي قصائده في رثاء الحسين بن علي و بقية الشهداءعليهم السلام منعطفا" مهما" في توظيف الشاعر لآي القرآن الكريم، فهو يربط بين النصوص القرآنية إحداثا" و شخوصا و قصصا" و يبن ما جرى في واقعة ألطف الأليمة بصورة تدعو الى العجاب و التأمل من لدن المتلقي. و أخرج البحث على تمهيد و مبحثين. تضمن التمهيد نقطتين الولي، تعريف بالشاعر و منزلته الأدبية، إما الثانية فتناولت مفهوم القرآنية و أسباب اجتراحه و تبنيه. إما المبحث الأول معنون ب (البنائية القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي) و أوضحنا في طبيعة توظيف الشاعر للقرآنية و اثر ذلك في بناء القصيدة عنده.أما المبحث الثاني فتناولنا فيه التقنيات القرآنية في العلويات و كانت تقنيتين الأولى:- القرآنية المباشرة الغير محورة، و الثانية:- القرآنية المباشرة المحورة. و اشفع المبحثان بخاتمة ضمت ابرز النتائج التي توصل إليها البحث.
Al-Qura'niya in the Alawiyyat of Al-Aheikh
Salih Al-Kawwaz Al-Hilliady
Abstract
Al-Qura'niya is a technique adopted by the poet of form his creative text related to his visions and horizon , structure and rhythm , in accordance with the succession of the holy Qura'n.
These Alawiyyat , being elegies (marthiya) of Al-Hussein – bin –Ali and other martyrs (P.B.U) , represented a turning point for the poet in employing the holy Qura'n verse.
He joins the Qura'nic texts including event , persons , and stories with what had happened in the painful Al-Taff Battle in a wonderful way.
The research consists of an introduction and two chapters. The introduction points out first the poet's career and his literary rank. Secondly it clarifies the concept of Al-Qura'niya and the reason for adopting it.
The first chapter explains the poet's employment for this technique and its influence on the construction of poem.
The second chapter tackles the Qura'nic technique in Al-Alawiyyat. The first technique is the unmodified direct Al-Qura'niya whereas the second is the modified direct Al-Qura'niya.
Finally , the research sets out the most important conclusions arrived at by the researcher.
خلاصة البحث
القرآنية:-هي آلية من ألآليات التي يتوسل بها المبدع في تشكيل نصوصه الإبداعية من جهتي الرؤى و الأنساق، بنية و إيقاعا"، بحسب سياق القرآن الكريم.
و مثلت (علويات) الشيخ صالح الكواز الحلي و هي قصائده في رثاء الحسين بن علي و بقية الشهداء(عليهم السلام) منعطفا" مهما" في توظيف الشاعر لآي القرآن الكريم، فهو يربط بين النصوص القرآنية إحداثا" و شخوصا و قصصا" و يبن ما جرى في واقعة ألطف الأليمة بصورة تدعو الى العجاب و التأمل من لدن المتلقي. و أخرج البحث على تمهيد و مبحثين. تضمن التمهيد نقطتين الولي، تعريف بالشاعر و منزلته الأدبية، إما الثانية فتناولت مفهوم القرآنية و أسباب اجتراحه و تبنيه.
إما المبحث الأول معنون ب (البنائية القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي) و أوضحنا في طبيعة توظيف الشاعر للقرآنية و اثر ذلك في بناء القصيدة عنده.
أما المبحث الثاني فتناولنا فيه التقنيات القرآنية في العلويات و كانت تقنيتين الأولى:- القرآنية المباشرة الغير محورة، و الثانية:- القرآنية المباشرة المحورة. و اشفع المبحثان بخاتمة ضمت ابرز النتائج التي توصل إليها البحث.
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، الذي نزَّل القرآن على عبده هدىً ورحمةً للعالمين، والصلاة والسلام على المبعوث والمخصوص بذلك الهدى، وبتلك الرحمة ؛ محمد الصادق الأمين، وعلى من تركهم حملة لذلك الهدى ولتلك الرحمة ؛ أهل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى المستقبلين لذلك الهدى ولتلك الرحمة ؛ صحبه الأبرار المنتجبين، ومن تبعهم إلى يوم الدين... وبعد:
يعدُّ القرآن الكريم مرجعاً مهماً من مرجعيات الشاعر بصورة عامة، يلجأ إليه ليتزوَّد منه كثيراً من تقنيات الأسلوب والصورة والألفاظ، ومن ثمَّ فإنَّ ظهور القرآن في النصوص الإبداعيَّة، وتغلغله فيها أمرٌ يكاد لا يستثنى منه أي ديوان شعر عربي، منذ نزوله حتى الآن مع اختلاف نسبة تكثيفه في هذا الديوان أو ذاك.
وهذا الأمر ساعد المتلقي على تفهّم خلفيَّة النص المرسَل ؛ بوصف القرآن مرجعاً عاماً للمسلمين، وأتاح للشاعر تشكيل صورة منه بما يتوافق وتلك الخلفيَّة، مع احترازه من تجاوز المتلقي أو المرجع نفسه، وبما يحقق الإبداع وإشراك المتلقي في اتساع أبعاد النص المنتج.
ومثَّلت (علويات)(1) الشيخ صالح الكواز الحلي، وهي قصائده في رثاء الحسين بن علي، وبقيَّة الشهداء(عليهم السلام) (2) منعطفاً مهماً في توظيف الشاعر لآي القرآن الكريم بما يجلب انتباه المتلقي، ويثير فيه الإعجاب والتأمل، فقد كانت القرآنية مهيمنة على نصوصه، مستغلاً إياها في تشكيل صوره، وتحريكها بفعالية عالية، فهو يربط بين النصوص القرآنية أحداثاً وشخوصاً وقصصاً، وما جرى في واقعة الطف الأليمة، وهذه السمة وما شابهها من التضمينات الأخرى رصدها جامع ديوانه الشيخ محمد علي اليعقوبي، حين وصفه بقوله: " نجده يمتاز على شعر غيره ممن عاصره أو تقدَّم عليه أو تأخر عنه فيما أودعه من التلميح بل التصريح على الأغلب إلى حوادث تاريخية وقصص نبويَّة وأمثال سائرة ليتخلَّص منها إلى فاجعة الطف مما يحوج القارئ إلى الإلمام بكثير من القضايا والوقائع ومراجعة الكتب التاريخية،.."(3).
وكان الاتكاء على القرآن الكريم أحداثاً وشخوصاً وقصصاً هو الأبرز من حيث التوظيف، والأوضح الذي عمد إليه الشاعر في علوياته، وجاء البحث ليكشف عن أبعاد هذه الظاهرة في ضوء خطة كانت ثوابتها متكونة من تمهيد تناولنا فيه نقطتين، الأولى: تعريف موجز بحياة الشاعر صالح الكواز الحلي ومنزلته الأدبية، والثانية: تناولنا فيها مفهوم القرآنية وأسباب تبنيه دون غيره من الاصطلاحات القريبة إليه كـ(أثر القرآن) أو (التناص القرآني)، وأعقب التمهيد مبحثان، تضمن المبحث الأول البنائية القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي، وأوضحنا فيه طبيعة توظيف الشاعر القرآنية على مستوى القصيدة وأثرها في بنائها الفني.
أما الثاني فتناولنا فيه التقنيات القرآنية في العلويات، وكانت تقنيتين، الأولى: القرآنية المباشرة غير المحورة، والثانية: القرآنية المباشرة المحورة(4).
وأشفع المبحثان بخاتمة ضمَّت أبرز النتائج التي توصل إليها البحث.
وأخيراً نحمد الله على توفيقه لاختيار هذا البحث، وإعانتنا لإتمامه على خير وجهة ارتأيناها، واستطعنا إنجازها، وحسبنا اننا بشر قاصرون (وفوق كلِّ ذي علمٍ عليم).
التمهيد:
1- شيء من حياة الشيخ صالح الكواز الحلي ومنزلته الأدبية:
الكواز هو أبو المهدي صالح بن مهدي بن حمزة آل نوح من قبيلة الخضيرات إحدى عشائر شمَّر المعروفة في نجد والعراق(5)، وشهرته بالكواز لأنها كانت مهنة أبيه، إذ كان يعتاش على بيع الكيزان والجرار والأواني الخزفية(6)، وكانت ولادته في الحلة سنة 1233هـ الموافق 1846 م(7)، ونشأ فيها وترعرع لذلك لقب بالحلي.
اشتهر صالح الكواز بتدينه، وما تبع ذلك من ورع وتقوى وعبادة، حتى إنه كان يقيم الجماعة في أحد مساجد الحلة مع وثوق الناس بالائتمام به(8)، مما يعني ذلك السمعة الطيبة والأخلاق الإسلامية التي تمتع بها أهَّلته لأن يكون رجل دين بارز فضلاً عن كونه شاعراً ملتزماً بخطه الإسلامي.
أما ثقافته فتخبرنا المصادر أنه على جانب عظيم من الفضل والتضلع في علمي النحو والأدب(9)، فقد درس علوم العربية والشريعة الإسلامية على يد الشيخ علي العذاري والشيخ حسن الفلوجي والسيد مهدي داود(10)، ومن أشهر أساتذته أيضاً السيد مهدي القزويني الذي له مدائح فيه(11)، وفضلاً عن ذلك فإن المطالع في ديوانه يلمس ثقافة واضطلاعا غير قليل على علوم العربية والتاريخ والمنطق والفقه والعقائد بشكل واضح، ولعلَّ هذه العلوم كانت من مستكملات رجل الدين والأدب وبخاصة إذا عرفنا عنه الضيق المادي الذي نعزوه ليس فقط إلى نفسه الأبيَّة وتعففه عما في أيدي الناس(12) وإنما إلى انشغاله بالتعلم وربما التعليم أيضاً وهذا واقع عقلاً ومقبول منطقاً من حيث استعمال المساجد للتدريس وتعليم وهو أمر معروف في تلك الحقبة التي عاشها الشاعر، ومن ثمَّ فإنَّ ما ذهب إليه صاحب كتاب أعيان الشيعة من أن الشيخ صالح كأخيه الشيخ حمادي سليقي النظم يقول فيعرب ولا معرفة له بالنحو(13) لا أساس لها من الصحة، وربما اختلط عليه الأمر فوصف الأخوين بوصف واحد(14).
وإذا ما نظرنا إلى ما قاله معاصره السيد حيدر الحلي رجل الدين والأدب في حقه لتبين لنا منزلة شاعرنا وما كان يتمتع به من مواهب وإبداع، فقد قال عنه في تصديره إحدى قصائد المترجم في كتابه (دمية القصر) المخطوط ما نصه: " أطول الشعراء باعاً في الشعر وأثقبهم فكراً في انتقاء لئالي النظم والنثر خطيب مجمعة الأدباء والمشار إليه بالتفضيل على سائر الشعراء "، وقال عنه أيضاً في الكتاب المذكور وهو في صدر التقديم لإحدى قصائده: " فريد الدهر وواحد العصر الذي سجدت لعظيم بلاغته جباه أقلامه واعترفت بفصاحته فضلاء عصره وأيامه وفاق بترصيع نظامه وتطريز كلامه أرباب الأدب من ذوي الرتب ومن راية في النظم على كل راي أديب راجح الشيخ صالح الحلي "(15).
والذي نستشفه من هذا الإطراء الكبير أموراً عدَّة أهمها تقدم الشيخ صالح الكواز الحلي على شعراء زمانه بما امتلك من إمكانيات فنية ولغوية تمتع بها شعره مما أهله لأن يكون فريد دهره وواحد عصره، والأمر الآخر هو اعتراف أهل زمانه ليس بشاعريته فحسب وإنما بخطابته وفصاحته وتقدمه في هذا المضمار أيضاً، ولعلَّ هذه الأمور أو الأوصاف لا تنطبق على شخصيَّة أميَّة بقدر ما تنطبق على شخصيَّة لامعة بالشعر والخطابة ومشهورة بالعلم والفضل.
ومهما يكن من أمر فإن للمترجم صلات مع باقي شعراء عصره البارزين من أمثال السيد حيدر الحلي وعبد الباقي العمري وعبد الغفار الأخرس فضلاً عن اشتهار قصائده وبخاصة (العلويات) في المحافل الحسينية وإنشاد الخطباء لها في المناسبات الدينية، وكانت منابر بغداد والحلة والنجف وكربلاء والبصرة تصدح بها(16).
وكان الشاعر معدوداً من المكثرين، إلا أنَّ ديوانه لم يصل إلينا، والذي بقي منه جمعه الشيخ محمد علي اليعقوبي وأصدره في ديوان وسمه بـ (ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي)، وقد وقع في ألف وخمسمائة بيت شعري، فضلاً عن قيامه بترجمة وافية له(17).
أما وفاته – رحمه الله – فأشارت المصادر إلى أنها في سنة 1291هـ وقيل 1290 هـ الموافق 1903 م في الحلة، ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف ودفن هناك(18)، وأقيم له مجلس عزاء مهيب يليق بهذه الشخصية الحسينية ورثاه جمع من شعراء عصره كان في مقدمتهم السيد حيدر الحلي الذي رثاه بقصيدة طويلة ملؤها الأسى والتأسف لفقده، وأشاد فيها بالسيرة الحسنة والأخلاق الحميدة مع إشادته بحسن شعره واشتهاره فنراه يقول(19):
ثكل أم القريـض فيــك عظــيـم |
ولأم الصلاح أعظـــم ثكـــلا |
وهكذا نتبين منزلة الشيخ صالح الكواز الحلي الأخلاقية والدينية والمنزلة الشعرية المرموقة التي نالها في عصره، وأشاد بها معاصروه، فكان بحق " رجل المبدأ والعقيدة في حياته وشعره "(20).
2- مفهوم القرآنيــــة:
من المفاهيم الإجرائية الجديدة على الساحة النقدية مفهوم (القرآنية)، وقد اجترحه أحد الباحثين الأجلاء(21)، وعرَّفه بقوله: " آلية من الآليات التي يتوسل بها المبدع في تشكيل نصوصه الإبداعية من جهتي الرؤى والأنساق، بنية وإيقاعاً، بحسب سياق القرآن الكريم "(22)
وجاء اجتراحه هذا بعد أن وجد فيه دلالة أوفى من غيره من المصطلحات النقدية المستعملة التي من أبرزها وأشهرها (أثر القرآن)، وكذلك مصطلح (التناص القرآني)، فقد اعترض على الأول بقوله: " سعى نقادنا القدامى وجملة من النقاد المحدثين إلى تمييز الأخذ من القرآن الكريم والإفادة منه بمصطلحات تدل عليه، كما اختلف القدامى في تلك الاصطلاحات، فبعضهم ميَّزه بـ (الاقتباس) أو (التضمين) في حين أدخله بعضهم في خانة (السرقة) كـ (أبي محمد عبد الله بن يحيى المعروف بابن كناسة ت 207 هـ) الذي ألَّف كتاباً بعنوان (سرقات الكميت من القرآن وغيره)(23)، وجرياً على ذاتية التمييز تلك سعينا لاجتراح مصطلح (القرآنية) لتمييز عملية الأخذ والإفادة من القرآن من سواها "(24).
وهذا الأمر واضح من تعريف البلاغيين، فقولهم في الاقتباس بأنه " تضمين الكلام نظماً كان أم نثراً شيئاً من القرآن والحديث لا على أنه منه، أي على طريقة أن ذلك الشيء من القرآن والحديث، يعني على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه منه، كما يقال في أثناء الكلام قال الله تعالى كذا "(25).
ومن خلال التعريف يتضح تداخل أمرين، الأول: الاقتباس والتضمين، والثاني: جعل الحديث النبوي اقتباساً أو تضميناً متداخلاً مع القرآن الكريم، وهذا ما حاول الباحث الابتعاد عنه باجتراحه مصطلح القرآنية ذي الخصوصية الواضحة من لفظ المصطلح.
أما فيما يتعلق بابن كناسة، وجعله الأخذ من القرآن سرقة يعاب عليها الشاعر، فهذه مسألة نادرة في هذا الباب، ولعلَّ مرجعها موقف فقهي ديني، فإننا نجد من العلماء أو الفقهاء من أباحه (أي الاقتباس)، وقيَّده بعض منهم، وكرَّهه ثالث، وحرمه آخر، وقد " اشتهر عن المالكيَّة تحريمه وتشديد النكير على فاعله "(26)، ولعلَّ هذا الأمر وراء تسمية ابن كناسة الاقتباس والتضمين القرآني بالسرقة، فالسرقة تعني الأخذ على اختلاف وجوهه من القبول أو الرفض أو الاستهجان أو الطعن وغيرها.
أما اعتراضه على المصطلح الآخر وهو (التناص القرآني) فعلله بقوله: " يدل مصطلح (التناص) على ثنائية مفاهيمية من جهة (الآخذ والمأخوذ)، الأمر الذي يحدث لبساً عند بعض المتلقين لو أضفناه إلى القرآن، إذ يدلل على أن المأخوذ هو القرآن، كما يصح أن يكون الآخذ أيضاً، ولاستحالة الاتفاق مع الفرض الثاني، أعرضنا عن هذا الاصطلاح، وأن نستبدل به مصطلحاً جديداً "(27).
إنَّ هذه الفروق الدقيقة في استعمال المصطلح أو ذاك هي بلا شك وليدة العلمية الصارمة والبحث المعمق في فهم تلك الاصطلاحات، وبيان الفوارق الدلالية فيما بينها، نعم إنَّ إطلاق المصطلح مهم، ولكن الأهم منه التطابق الفعلي والحقيقي مع الظاهرة التي أطلق عليها أكثر من غيره، والأهم من ذلك كله استعمال المصطلح في حقله الذي انطلق منه ليأخذ مكانه الطبيعي في الحياة والانتشار، والا تعرض للإهمال والنسيان.
ومن هنا جاء استعمالنا لهذا المصطلح، فضلاً عن آليات تناوله البنائية والتقنية وكيفياتها التي عززها مجترح المصطلح بأنموذج تطبيقي على ما ذهب إليه، ونحن بدورنا انتقينا أنموذجاً آخر يختلف عصراً، ومن ثمَّ يختلف بناء وتقنية، لنعزز به حياة المصطلح وانتشاره من جهة، ويحقق كشفاً جديداً مضافاً لأنموذجنا التطبيقي عليه من جهة أخرى.
المبحث الأول: بنائية (القرآنية) في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي:
لا ريب في أن أي نص إبداعي يحمل في جذوره كثيراً من النصوص الأدبية والمعرفية التي سبقته، أو التي عاصرته مع اختلاف هيمنة أو سيادة هذا النص أو ذاك على نتاجه، مما يعني تأثير ذلك النص على الشاعر واستحضاره في شعوره أكبر وأقوى من النصوص الأخرى.
إنَّ هذه التأثرية تتم عند الشاعر بقصد أو من دون قصد للإفادة مما هو متوافر لديه من مصادر ثقافية متنوعة، تعينه على تشكيل نصه الإبداعي باللغة.
ويعد القرآن الكريم واحداً من أكبر وأهم تلك المصادر التي يتوسل الشاعر بها في صياغة نصه الإبداعي، وإخراجه، مستفيداً منه في الأسلوب والبناء والموضوع والفكرة، ولا ننكر اختلاف الشعراء في طرائق ذلك التوسل فضلاً عن مدى كثافته في النصوص الشعرية.
وإذا ما دققنا النظر في (علويات) الشيخ صالح الكواز الحلي، فإننا نجدها مترعة بالقرآنية، فقد وظَّف الشاعر القرآن في خدمة قضيته الحسينية، وكان ينظر إلى القرآن من خلال قضيته تلك، لذا كانت القرآنية مهيمنة على نصوصه، ومن ثمَّ لم تتنافس معها نصوص إبداعية أخرى، ويبدو أنَّ الشاعر وجد في الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وما جرى عليهم في تلك الواقعة أمراً لا يماثله أو يقارنه إلا ما وجد في القرآن وحواه من نماذج سامية يمكن التمثل بها، وإنَّ هذه القصدية والإلحاح الواضحين عند قراءة العلويات تدفعنا الى القول بان الشاعر كان يرى في الحسين القرآن، وفي القرآن الحسين، ولا غرو ان آمن الشاعر بهذا الاعتقاد وترسخ في ضميره ووجدانه، وبخاصة إذا علمنا مقولة الإمام علي(عليه السلام): (أنا القرآن الناطق)(28)، فيتضح لنا أبعاد تعامل الشاعر مع النص القرآني، فالحسين(عليه السلام) يمثل الامتداد الحقيقي ليس فقط لأبيه، بل لجده أيضاً(29)، ومن ثمَّ فهو الامتداد الحقيقي أيضاً لرسالة السماء؛ وكذلك آمن الشيعة بأئمتهم الاثني عشر من حيث تمثلهم بالحجج الإلهية على الخلق أجمعين، والقرآن حجة على الخلق أيضاً.
إنَّ رؤية الشيعة والشاعر أحدهم في الحسين(عليه السلام) وموقفه يوم عاشوراء على أنه موقف قلَّ نظيره إن لم ينعدم في تاريخ الإنسانية، فالذي قدمه الحسين(عليه السلام) باستشهاده أحيى سنن الإله وشرائعه التي أنزلها على أنبيائه جميعاً، ومن ثمَّ كان الحسين(عليه السلام) ملخصاً لفحوى ما جاؤوا به، وبعثوا من أجله.
إنَّ هذا الفهم لطبيعة الاعتقاد عند الشاعر تجعلنا لا نستغرب او نتعجب مما جاء في أشعاره، فالشاعر ينطلق من اعتقاد من أول القصيدة ليعود إلى اعتقاد آخر في نهايتها ليستكمل حلقة الالتزام الفكري والعقائدي بصورة شعرية.
وتراوحت تبعاً لذلك كثافة القرآنية من أول القصيدة إلى وسطها ومن ثمَّ نهايتها، ومن تلك العلويات المشحونة بالقرآنية في بدايتها ووسطها وخاتمتها قصيدته التي يبدؤها بقوله (30):
لي حزن يعقــوب لا ينفك ذا لهـب |
لصرع نصب عيني لا الدم الكــذبِ |
لقد استقطب الشاعر انتباه المتلقي منذ انطلاقته النصية حين عمد إلى أخذ عينات موضوعية من سورة يوسف (عليه السلام) وربطها بصور موضوعية أخرى حدثت في واقعة الطف، وبدأ بتشبيه حزنه بحزن يعقوب على يوسف(عليهما السلام)، حين جاء أخوته إلى أبيهم على قميصه بدم كذب ليأكدوا مصرعه على يد الذئب، وهذا واضح في قوله تعالى: )وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ( (31)، وهذا المقطع القصصي وظفه الشاعر بصورة لطيفة حين قرنه بنفسه، فحزنه ذو لهب متجدد، وسببه مصرع سالت به دماء حقيقية وليس كالذي حدث مع يعقوب (عليه السلام) والجامع بين الصورتين (الحزن)، وعمد في البيت الثاني إلى أخذ عينة أخرى من سورة يوسف، إذ قال:
وغلمة من بني عدنــان أرسلهــا |
للجد والدهــا في الحرب لا اللعـب |
وأشار بلفظة (الغلمة) إلى ريعان شبابهم وقوتهم وقد أرسلهم والدهم كناية عن الحسين(عليه السلام) إلى الحرب لا اللعب، وهذا الحدث قابل إرسال يعقوب(عليه السلام) ولده يوسف مع إخوته ليرتع ويلعب، وهذا ما أشارت إليه الآية القرآنية على لسان إخوة يوسف مخاطبين أباهم بشأنه: )أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( (32).
والمفارقة بين الموقفين، موقف الحسين(عليه السلام) وإرساله أولاده وإخوانه إلى الحرب، وبين إرسال يعقوب(عليه السلام) ليوسف وإخوته ليلعبوا ويصطادوا، وشتان ما بين اللعب والحرب، والجامع بين الصورتين (الإرسال).
ثم يعمد في البيت الثالث إلى أخذ عينة أخرى، فقال:
ومعشــر راودتهم عن نفوسهــم |
بيض الضبـا غير بيض الخرد العرب |
وهنا يقابل بين أصحاب الحسين(عليه السلام) ومراودتهم السيوف يوم الطف، وبين مراودة زليخا امرأة العزيز ليوسف(عليه السلام)، وكادت أن تهمَّ به ويهمَّ بها كما أشارت إليه الآية الكريمة: )وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ...((33) والجامع بين الصورتين (المراودة).
ثم يقول (34):
فانعموا بنفــوس لا عديـل لهــا |
حتى أسيلت على الخرصـان والقضب |
فهو يشير في البيت الثاني إلى الآية القرآنية من سورة يوسف: ).... إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ. وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ((35)، وهذه الصورة وظفها الشاعر لإظهار شجاعة أصحاب الحسين(عليه السلام) حين جعل قدَّ أعضائهم ولم يقل قمصانهم أو أهبهم من الإمام مما يدلل على المقابلة الحقيقية للموت وعدم مهابتهم له حتى صرعوا على أرض كربلاء، أما في قصة يوسف(عليه السلام) فكان قد القميص قضية تعلقت بها براءة يوسف من عدمها، والجامع بين الصورتين (القد).
إنَّ هذا التوظيف للعينات المنتقاة من سورة يوسف(عليه السلام) من لدن الشاعر كان وراءه أمران:
الأول: استغلال معرفة شريحة كبيرة من المتلقين لهذه القصة بتفاصيلها مما يسهل عملية انتقاء بعض تلك التفاصيل وبخاصة البارز منها.
الثاني: إدراك الشاعر المفارقة الكبيرة بين هذه العينات وما يقابلها من أحداث وقعت في الطف، مما يثير مشاعر المتلقين وأذهانهم، ويخلف صدمة المفارقة بإنتاجه معنى جديداً يمكن أن نطلق عليه المعنى المعكوس الموازي للنص القرآني، وسواء أكان المتلقي اعتيادي الثقافة أو على قدر كبير منها فإن الشاعر حقق مبتغاه باستعماله ذلك الأسلوب.
ومهما يكن من أمر فإنَّ الشاعر يتبع أبياته المتقدمة بقوله(36):
كل رأى ضرَّ أيــوب فما ركضت |
رجل له غير حوض الكوثر العــذب |
فهو يلجأ إلى أخذ عينة من قصة أيوب(عليه السلام) المبثوثة في القرآن ليوظفها في تجسيد مشاعره تجاه الحسين(عليه السلام) وأصحابه وما جرى لهم في واقعة الطف، فموقف أيوب(عليه السلام) الذي ذكره الله تعالى بقوله:)وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ((37)، فأيوب حين مسَّه الشيطان بضر دعا ربَّه ليذهب عنه هذا الضرّ فاستجاب لدعائه الله تعالى فوفر له مغتسلاً بارداً وشراباً، إن هذا الموقف الحميم لم يكن مع الحسين(عليه السلام) وأصحابه، فلما أصابهم الضرّ لم يدعوا كما دعا أيوب ليكشف عنهم الضر، وإنما وجدوا في ضرهم هذا تقرباً من الله، وفي سبيله.
ولا ريب في أن هذه العينة المنتقاة من قصة أيوب لربما لم يطَّلع عليها كثير من المتلقين مما يثير في أذهانهم مجموعة من التساؤلات أكثر مما يثار في أنفسهم الإعجاب والتأمل، وبهذا فالنص سيكون بحاجة إلى قارئ متفحص للقصص القرآني الديني ليتمكن من فهم النص والاستمتاع في قراءته.
ثمَّ يأخذ الشاعر عينات قرآنية أخرى، وهذه المرَّة من قصَّة موسى(عليه السلام) فيوظفها في أحوال الحسين(عليه السلام) في يوم الطف، فهو يقول (38):
وآنسيـن من الهيجـاء نـار وغى |
في جانب الطف ترمي الشهب بالشهب |
فالمقابلة واضحة في البيت الأول مع الآية القرآنية في قوله تعالى: )فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ((39)، وشتان ما بين النارين من الاستئناس والتقرب، وشتّان أيضاً بين هش الكليم على أغنامه وذلك في قوله تعالى على لسان موسى(عليه السلام): )قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى((40)، وبين هش الحسين وأصحابه في واقعة الطف بسيوفهم المشهورة على أعدائهم.
ويتبع هذه القرآنية بقرآنية أخرى، فنجده يقول بعد هذه الأبيات (41):
ومبتليــــــن بنهـر ما لوارده |
من الشهــادة غيـر البعـد والحجب |
فالشاعر يشير إلى قصة طالوت وأصحابه عندما ابتلاهم الله تعالى بنهر، فقال تعالى: )فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ((42).
فهذه القصة تشابهت أحداثها مع أحداث واقعة الطف من حيث ابتلاء الله للحسين(عليه السلام) وأصحابه بنهر، والنهر هنا الثبات على العقيدة والتضحية من أجل الدين ونصرة ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولا ريب في انهم نصروه وقضوا صرعى وكان كل منهم سكينة وسط تابوت من الكثب، وهذا التشبيه أيضاً كان إحدى علامات طالوت وقدومه، وذلك في قوله تعالى: )وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ( (43)، ثمَّ يدعو الشاعر (طالوت) إلى الحزن على البقية من آل محمد والعترة الطاهرة إشارة إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين(عليه السلام)، وراح ينظر إلى عماته وأخواته وهنَّ على تلك الحالة بعد قتل الحسين(عليه السلام) ومن معه، وقد صوَّر الشاعر هذا الأمر بطريقة قرآنية فقال (44):
يرنو إلى (الناشرات) الدمع طاويـة |
أضلاعهـن على جمــر من النـوب |
فالألفاظ (العاديات، المرسلات، النازعات، الذاريات) هي أسماء سور قرآنية فضلاً عن (الناشرات، الموريات)(45) التي جاءت في سياق السور ذاتها، وقد جاءت كلها في إطار القسم الإلهي الذي يؤكد أنَّ وعد الله واقع لا محالة في يوم ترجف فيه الراجفة، ولكن الإنسان كنود كافر بنعم الله وبذلك اليوم، ومن هنا نلمح التقارب الدلالي في البنية المعمقة للنص وهو أنَّ الذي حدث مع نساء الوحي والرسالة في واقعة الطف على يد هؤلاء الظالمين لا يمر دون عقاب إلهي، ويوم العقاب الذي ترجف الراجفة فيه واقع بهم لا محالة. على أن من الواضح في البنية السطحية للنص تعامل الشاعر مع هذه الألفاظ بمعناها الظاهري من دون مرجعياتها القرآنية، ولكننا نميل إلى البنية المعمقة، لأنَّ تقنيات الشاعر في الأداء، وبخاصة في تعامله مع المرجعية القرآنية تجعلنا قول ذلك.
ومهما يكن من أمر، فإنَّ الشاعر ينتقي أنموذجاً نسائياً من واقعة الطف وهو (أم الرضيع) ليقابله بأنموذجين نسائيين من القرآن الكريم ؛ وورد الأنموذج الأول إشارياً في القرآن وهو (أم إسماعيل)(46)، أما تفاصيله التي اعتمدها الشاعر فكانت مرجعياتها سنيَّة متمثلة بأحاديث الرسول محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)(47)، أما الثاني الذي وردت تفاصيله في القرآن الكريم فكان (أم الكليم)(48) كناية عن (أم موسى)، فنراه يقول(49):
وربَّ مرضعـة منهنَّ قد نظـــرت |
رضيعهـا فاحص الرجليـن في الترب |
فالشاعر يصف حال النساء الثلاث، وموقفهنَّ من أولادهنَّ ومشاعرهنَّ الحزينة عليهم، ولكن الأحداث تختلف مع كل واحدة منهنَّ، فهو يقول:
هذي إليهــا ابنها قد عاد مرتضعـاً |
وهذه قد سقــي بالبارد العـــذب |
فهو يصور النهاية السعيدة للنبيين الوليدين، ولكن الأحداث مع أم الرضيع لم تكن كذلك، فقال مبيناً ذلك:
فأيـن هاتان ممن قد قضـى عطشاً |
رضيعهــا ونأى عنهـا ولم يــؤب |
ثمَّ يوضح طبيعة المشاركة بينها وبين تلك النساء يقول:
شاركنــها بعموم الجنـس وانفردت |
عنهنَّ فيما تخـص النوع من نسـب |
فالشاعر يحاول من بداية القصيدة أن يجعل هوَّة دلاليَّة معكوسة بين القرآنية وما جرى في واقعة الطف، وقد نجح في ذلك، وأثار المتلقي فكراً وشعوراً، وأحدث في نفسه صدمة المعنى المعكوس بصورة ملفتة.
ويتخذ صالح الكواز الحلي من الطرح القرآني رمزاً امتدادياً للمعادين لرسالة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) المتمثل بـ (حمالة الحطب)، فنراه يقول(50):
وصبيـة من بني الزهــراء مربقة |
بالحبل بين بنـي حمالة الحطــــب |
فهؤلاء المعادون للامتداد الرسالي المتمثل بالصبية من بني الزهراء (عليهم السلام) هم الامتداد لبني حمالة الحطب المشار إليهم في قوله تعالى: )وامرأته حمّالةَ الحَطَبِ. في جِيْدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدِ((51).
ثمَّ يشير إلى عمق امتداد الرسالي لبني الزهراء في القرآن الكريم، فنراه يسترسل قائلاً:
ليت الألى أطعموا المسكيـن قوتهم |
وتالييه و هم في غايــة السغــب |
فسورة (الإنسان) التي ابتدأها الله تعالى بقوله: )هَلْ أَتَىْ عَلَىْ الإنْسَانِ...((52) قد نزلت في البيت العلوي، وفيها يطعمون المسكين وتالييه اليتيم والأسير ولم يدخل في جوفهم طعام قط مدة ثلاثة أيام، فأثابهم الله تعالى على ذلك بإنزاله سورة (الإنسان) أو (هل أتى) في حقهم وبيان إكرامه لهم، فاستغل الشاعر هذا الأمر في بيان ما حلَّ بأولادهم وأحفادهم على يد أعدائهم المتمثلين ببني حمالة الحطب، وبيَّن الفرق الامتدادي بصورة قرآنية، وهذه الصورة المصطنعة بأسلوب المقارنة تبعث المتلقي على الحزن والبكاء وأيضاً تبعثه على الغضب والثورة على من فعل مثل هذه الأفعال الشنيعة بأهل بيت الرسالة، وقبيل نهاية قصيدته يوضح سبب قتل الحسين(عليه السلام) ومن معه في واقعة الطف بضرب مثالين قرآنيين، فنراه يقول(53):
والقاتليـن لساداتٍ لهـم حســـداً |
على علا الشـرف الوضاح و الحسب |
فالسبب الحسد الذي أضمره هؤلاء للحسين(عليه السلام) لما امتلك من فضل منَّ الله به عليه كما منَّ على يوسف(عليه السلام) وصفوة الله كناية عن آدم(عليه السلام)، فكان دليله دامغاً وحجة منطقية مستوحاة من القرآن الكريم، ولا ريب في ان هذين المثالين معروفان لدى المتلقي، فاستغلَّ الشاعر هذا الأمر في إتيانه دليلاً على ما ذهب إليه ؛ وفي ختام قصيدته يخاطب سادته من بني الهادي متوسلاً بهم بقوله(54):
يا سادتي يا بني الهــادي ومن لهم |
بثي وحزني إذا ما ضاق دهري بــي |
ثمَّ يتسلسل في دعائه وتوسله وبيان منزلتهم عند الله سبحانه وتعالى، وهذه الرؤى ذات مرجعيات سنيَّة (أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأفعاله) فضلاً عمّا أثر من أحاديث الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) وتؤكد علو شأنهم ومنزلتهم السامية عند الله تعالى، وكلامه المتقدم مستوحى من قوله تعالى على لسان يعقوب(عليه السلام): )قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ((55).
وهكذا يتضح اعتماد الشاعر في بناء قصيدته على القرآنية من بداية قصيدته حتى نهايتها مما ينيئ عن وعي وقصدية بهذه البنائية، فضلاً عن تنوع استثماره القرآني فوجدنا النص الموازي المعاكس للنص القرآني، ووجدنا الرمز، وضرب المثال، وأيضاً الدعاء، وهذه الآليات اعتمدها الشاعر في صياغة قصيدة تختلف بناءً وموضوعاً ولغة عن القصيدة العربية المعروفة بمكونات بنائها الفني، مما ينبئ عن اتجاه جديد في تطور القصيدة العمودية وإن كنا لا نعدم اعتماد كثير من القصائد على القرآنية ولكن ليس بهذا الكيف وكذلك النوع والأداء، وهذا ما يحسب للشاعر صالح الكواز الحلــي.
ومهما يكن من أمر فقد استغلَّ شاعرنا قرآنية مرجعها قصة موسى(عليه السلام)، وقد مرَّ أنموذج منها، ومن تلك النماذج قوله في إحدى مقدمات علوياته وتحديداً البيت الثالث منها قوله(56):
فتخال موسـى في انبجاس محاجري |
مستسقياً للقــوم ماء جفونــــي |
فالقرآن الكريم يؤكد هذه القصة بالقول: )وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً((57)، ولا ريب في انَّ اتكاء الشاعر على القرآنية في تشكيل صورة جديدة متلونة الأبعاد عميقة الرؤى تجلب نظر المتلقي وتثير فيه لذة الإبداع هي آلية أخرى يعتمدها الشاعر. ويعيد الشاعر إنتاج الصورة القرآنية المتقدمة ولكن بأبعاد جديدة وذلك في قوله مبيناً أثر قتل الحسين في موسى(عليهما السلام)(58):
كلمت قلب (كليــم الله) فانبجسـت |
عيناه دمعـاً دماً كالغيـث منهمعـــا |
وكذلك نراه في قوله مشبهاً وقوع الحسين على أرض معركة الطف، ورفع رأسه على الرمح بصورة قرآنية تدعو إلى ألإعجاب والاندهاش، كقوله(59):
كأنَّ جسمـك موسى مذ هوى صعقاً |
وإنَّ رأسـك (روح الله) مذ رفعــا |
فصدر البيت يرجع بنا إلى قوله تعالى: )وَخَرَّ موسَى صَعِقاً((60) أما العجز فمرجعه إلى قوله تعالى في عيسى(عليه السلام): )وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً. بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ((61)، على أن مثل هكذا صور دقيقة الأبعاد تحتاج إلى متأمل ومتفحص حتى يدرك طبيعة التقارب والتشابه بين طرفي التشبيه ومدى التباعد المعمق في هذا التقارب الظاهري، وعليه فمتلقي هذه الصورة يعجب بها ومن ثمَّ يذهب ذهنه ليرصد طبيعة تحركها في داخله وما يثيره هذا التحرك من انفعال وما يجسده من شعور.
ويعمد الشاعر إلى ذكر أقوام ضرب بهم المثل في القرآن وهم قوم (ثمود) وقوم (تبع) فجعلهم امتداداً رمزياً للذين قتلوا الحسين(عليه السلام) وذلك في قوله(62):
وتتبعت أشقــى ثمــود وتبــعٍ |
وبنت على تأسيس كل لعيــــــن |
ويتبع هذا القول بمثال قرآني على عظم فضل الزهراء (عليها السلام) ووليدها الحسين(عليه السلام) بعد أن ذكر أشقى ثمود ومهَّد للمستمع بقوله(63):
ما كان ناقــة صالـح وفصيلهــا |
بالفضـل عند الله إلا دونــــــي |
فتعامل الشاعر مع النص القرآني على أساس الرمزية وضرب المثال، فقدسية ناقة صالح وفصيلها الوارد ذكره في قوله تعالى: )كذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا.إذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا. فقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا. فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا. وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا((64) لم يكن بأفضل من الزهراء (عليها السلام) ووليدها الحسين الذي قتلوه ولم يراعوا حرمة انتسابه إلى الرسول الكريم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ويمكن توضيح البنية المعمقة التي نستوضحها من أبيات الشاعر بمخطط دلالي:
وتجدر الإشارة إلى استعمال الأسماء (ثمود، تبع، عاد...) من لدن بعض الشعراء القدامى(65) ليضرب بهم المثل في عدم البقاء وحتمية الموت على بني الإنسان مهما شادوا أو عمَّروا فلا بدَّ أن يأتي اليوم الذي لا مهرب منه ولا محيص، ولكننا نجد شاعرنا صالح الكواز الحلي قد تعامل مع هذه المسميات تعاملاً جديداً اختلف عمّا تعاور الشعراء عليه، وهذا الأمر يبدو لنا جديداً بعض الشيء، مما يمكن أن نحسبه خصيصة تميَّز بها الشاعر الحلي.
المبحث الثاني: تقنيات القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي:
مما لا شك فيه هو اختلاف سبل الإفادة والتعامل مع القرآنية على صعيد احتلالها جزءاً ما في بنية النص، فهي أيضاً تمثل لبنة من لبناته المهمة التي لا يمكن تجاوزها، وتبعاً لذلك يمكن تحديد تقنيات القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي بتقنيتين هما:
أولاً: القرآنية المباشرة غير المحوَّرة:
ويمكن تعريفها بأنها أخذ مباشر من القرآن الكريم من دون أن يحور الشاعر لفظاً أو دلالة منه، وهو ما عرف بـ (الاقتباس المباشر)(66)، يلجأ إليه الشاعر – في الغالب – ليدعم ما ذهب إليه، وليقرّب ما ابتعد، وليوضح ما أغمض من صوره.
على أنَّ هذه التقنية مما يسهل رصدها في النصوص الشعرية واكتشاف مرجعيتها، وبخاصة على " المتلقين ذوي الثقافة المحدودة فضلاً على تهوين عملية فك الشفرة النصية وإجراء المقاربة الدلالية بين النص الجديد (الآخذ) والنص القديم (المأخوذ) لتكون عملية إبلاغ النص واستقباله هينة لينة على المتلقين "(67).
من الشواهد الإجرائية في العلويات قوله تعالى: )عمَّ يتسَاْءَلُوْنَ عَنِ النَبَأ العَظِيْمِ((68)، فقد وظَّف الشاعر (النبأ العظيم) في شعره مخاطباً فيه الإمام علي(عليه السلام) وهو ما عرف عند الشيعة خاصة هذا اللقب(69)، فقال (70):
يا أيها النبأ العظيــم إليك فــي |
ابناك منــي أعظـم الأنبــاءِ |
ومن الاقتباس النصي يختار الشاعر الآية الكريمة لقوله تعالى: )يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ((71)، فيقول متأثراً بواقعة الحسين(عليه السلام) في العاشر من المحرَّم (72):
ولتذهـل اليوم منكم كل مرضعـة |
فطفلــه من دمـا أوداجه رضعـا |
فيشبه يوم استشهاد الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه بيوم القيامة الذي أشار إليه القرآن الكريم لهوله وعظمته تذهل كل مرضعة عن رضيعها.
ومن القرآنية النصيَّة المباشرة قوله عز وجل في سورة يوسف: )فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً((73)، وظف الشاعر (خلصوا نجياً) في قوله(74):
وقفوا معـي حتى إذا ما استيأسـوا |
خلصوا نجيـاً بعد ما تركـوني |
ومن التقنية المباشرة غير المحورة تتضح في قوله (عز وجل): )هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً((75) في قول الشاعر(76):
حتى أتـى (هل أتـى) في مدح فضلهـم |
من الإلـه لهــم في أشـرف الكتـب |
ومن الشواهد الأخرى على هذه التقنية ما ورد في قوله تعالى: )كلاّ إنَّ كتَاْبَ الفُجَّارِ لَفِيْ سِجِّيْن((77)، فاستعار الشاعر لفظة (سجّين) ووظفها في قوله(78):
تلك الرزايـا الباعثـات لمهجتــي |
ما ليس يبعثــه لظى سجِّيـــنِ |
وفيما يأتي جدول بمواضع القرآنية المباشرة غير المحورة في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي:
جدول القرآنية المباشرة غير المحورة في
علويات الشيخ صالح الكواز الحلي
النص المأخوذ (القرآن الكريم) |
النص الآخذ (البيت الشعري) |
رقم الصفحة في الديوان |
تسلسل البيت في الصفحة |
)وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ( (القصص 23) |
لم أنس إذ ترك المدينة وارداً |
17 |
4 |
)عمَّ يتساءلون عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ((النبأ 1 - 2) |
يا أيها النبأ العظيم إليك في |
17 |
8 |
)قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ( (يوسف 26) |
فانظر لأجسادهـم قد قدَّ من قبل |
24 |
7 |
)فالعاصِفَاْتِ عَصْفَاً. فالنَّاشِرَاتِ نَشْراً( (المرسلات (2 – 3) |
يرنو إلى الناشرات الدمع طاوية |
25 |
7 |
)والعادِيَاتِ ضبْحًا. فالمُورِيَاتِ قدحًاْ( (العاديات 1 – 2) |
والعاديات من الفسطاط ضابحة |
25 |
8 |
)والمرسلاتِ عرفاً((المرسلات 1) )والنازعاتِ غرقاً((النازعات 1) |
والمرسلات من الأجفان عبرتها |
25 |
9 |
)والذاريات ذرواً((الذاريات 1) |
والذاريات تراباً فوق أرؤسهـا |
25 |
10 |
)امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ( (المسد 4 – 5) |
وصبية من بني الزهراء مربقة |
26 |
3 |
)هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ( (الإنسان 1) |
حتى أتى (هل أتى) في مدح فضلهم |
26 |
6 |
)قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ( (يوسف 10) |
والفضل آفة أهليَّة ويوسف في |
27 |
3 |
)قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ( (يوسف 12) |
يا سادتي يا بني الهادي ومن لهـم |
27 |
6 |
)يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ( (الحج 2) |
ولتذهل اليوم منكم كل مرضعة |
32 |
15 |
)فَلَمَّا اسْتَيْأَسُـــــواْ مِنْهُ خَلَصُــــواْ نَجِيّـــــاً( (يوسف 80) |
وقفوا معي حتى إذا ما استيأسوا |
46 |
4 |
)كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ( (المطففين 7) |
تلك الرزايا الباعثات لمهجتـي |
46 |
11 |
ثانياً: القرآنية المباشرة المحوَّرة:
يمكن تعريف هذه التقنية بأنها أخذ من القرآن الكريم مع تحويره لفظياً أو دلالياً تبعاً لحاجة الشاعر، وهو ما عرف بـ (الاقتباس غير المباشر، أو الإشاري)(79) وفي هذه التقنية مجال أرحب للشاعر في صوغ أفكاره ومشاعره ومقاربتها بالقرآنية، فضلاً عن إمكانية التحرك إيقاعياً بصورة أكبر مما في القرآنية المباشرة غير المحوَّرة، وتبعاً لطريقة التحوير وصياغتها يكمن إبداع الشاعر أو إخفاقه.
ومن الشواهد على القرآنية المباشرة المحوَّرة في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي قوله تعالى: )لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً((80)، فأخذ الشاعر (شرعة ومنهاجاً) ووظفها في قوله (81):
إن لم تسدوا الفضا نقعا فلم تجدوا |
إلى العلا لكم من منهج شرعـا |
ويستعير الشاعر أسماء بعض السور، ويحورها لتتلاءم مع ما يطرحه من تصوير، فنراه يأخذ اسم (المدثر) و (المزمل) وهما اسمان لسورتين قرآنيتين معروفتين، ويوظفهما بصورة لا تخلو من إبداع، فهو يقول واصفاً شهداء الطف(عليهم السلام) (82):
(مدَّثرين) بكربلا سلب القنا |
(مزملين) على الربى بدمــاء |
ونراه يحور قوله تعالى: )واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا((83) بصورة لطيفة عندما قال:
وإن سراج العيش حال انطفاؤهـــا |
فقد أشعلت نار المشيب ذبالهــا |
ونرى الشاعر يوظف مجموعة من الآيات متمثلة بقصة النبي يونس(عليه السلام) الواردة في قوله تعالى: )وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ. وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ((85) فهو يعمد إلى هذه القصة ويقوم بتحوير النص القرآني بما يتلاءم والصورة التي رسمها لشهداء الطف وهم على أرضها مجدَّلين، واستغرقت منه أربعة أبيات، فنراه يقول فيها(86):
ما ساهمـوا الموت الزؤام ولا اشتكوا |
نصباً بيــــوم بالردى مقــرون |
وهذا التصوير لا ريب في أنَّه يدل على إمكانية فنية، وكذلك لغوية مكنته من هذا التصوير الذي يعجب المتلقي بتقابلاته المصطنعة.
ونجد له نصاً آخر لم يبتعد عن النص القرآني كثيراً، ولربما اضطره الوزن إلى ذلك، وهو قوله تعالى في قصة موسى(عليه السلام): )فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء((87) فأخذه أخذاً لا يخلو من طرافة، إذ قال(88):
قد كان موسى والمنيَّة إذ دنـــت |
جاءته ماشية على استحيـــاء |
وفيما يأتي جدول بمواضع القرآنية المباشرة المحورة في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي:
جدول القرآنية المباشرة المحورة في
علويات الشيخ صالح الكواز الحلي
النص المأخوذ (القرآن الكريم) |
النص الآخذ (البيت الشعري) |
رقم الصفحة في الديوان |
تسلسل البيت في الصفحة |
)فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء( (القصص 24) |
قد كان موسى والمنيَّة إذ دنـــت |
17 |
5 |
)وخرَّ مُوْسَى صَعِقاً((الأعراف 143) |
فهناك خرَّ وكل عضوٍ قد غدا |
17 |
7 |
)يَا أَيُّهَا المدَّثِّر. قُمْ فَأَنْذِرْ((المدثّر 1 – 2) )يَاْ أَيُّهَا المزَّمِّلُ. قُمِ الَّليْلَ إلاَّ قَلِيْلاَ( (المزمل 1 – 2) |
مدثرين بكربــلاء سلب القنـا |
18 |
3 |
)وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ( (النساء 157) |
كأنَّ عليه ألقي الشبح الذي |
23 |
3 |
)وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ( (يوسف 18) |
لي حزن يعقوب لا ينفك ذا لهب |
24 |
3 |
)أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( (يوسف 12) |
وغلمة من بني عدنان أرسلها |
24 |
4 |
)وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ( (يوسف 23) |
ومعشر راودتهم عن نفوسهم |
24 |
5 |
)ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ( (ص 42) |
كل رأى ضرَّ أيوب فما ركضت |
24 |
8 |
)قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى((طه 18) |
تهش فيها على آساد معركـة |
24 |
12 |
)فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ( (البقرة 249) |
ومبتلين بنهر ما لوارده |
25 |
2 |
)وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ( (البقرة 248) |
حتى قضوا فغدا كل بمصرعه |
25 |
4 |
)فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي( (القصص 7) |
وما حكتها ولا (أم الكليم) أسى |
25 |
14 |
)وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً((الإسراء 61) |
وصفوة الله لم يسجد له حسداً |
27 |
4 |
)وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ( (التوبة 93) |
وتلكم شبهة قامت بها عصب |
30 |
9 |
)وخرَّ موسى صَعِقاْ((الأعراف 143) )وَمَا قتَلُوهُ يقيناً. بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ( (النساء 157 – 158) |
كأنَّ جسمك موسى مذ هوى صعقا |
31 |
8 |
)قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ( (الأنبياء 69) |
ونار فقدك في قلب الخليل بها |
31 |
12 |
)فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً((الأعراف 160) |
كلمت قلب كليم الله فانبجست |
31 |
13 |
)بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً( (النساء 158) |
ولو رآك بأرض الطف منفرداً |
31 |
14 |
)كُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً( (المائدة 5) |
إن لم تسدوا الفضا نقعاً فلم تجدوا |
32 |
12 |
)واشتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباَ( (مريم 4) |
وإن سراج العيش حان انطفاؤها |
38 |
8 |
)قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ( (يوسف 18) |
وقوض بالصبر الجميل فتى به |
40 |
3 |
)فأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ. وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ. فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ( (القارعة 6 – 9) |
وما ضرَّ ميزاني ثقال جرائمي |
41 |
17 |
)وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ( (الحاقة 6) |
فكأنَّ الرياح منه استعارت |
43 |
11 |
)أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً( (الأعراف 160) |
فتخال موسى في انبجاس محاجري |
45 |
9 |
)قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ((يوسف 72) |
فكان يوسف في الديار محكم |
46 |
5 |
)وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ. فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ. فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ. لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ. وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ( (الصافات 139 – 146) |
ما ساهموا الموت الزؤام ولا اشتكوا حتى إذا التقمتهم حوت القضا نبذتهـم الهيجاء فوق تلاعها فتخال كلاً ثمَّ يونس فوقه |
47 |
6 7 8 9 |
)كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا. إذِ انْبَعَثَ أشْقَاهَا( (الشمس 11 – 12) )وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ((ق 14) |
وتتبعت أشقى ثمود وتبـع |
47 |
15 |
)فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا( (الشمس 13) |
ما كان ناقة صالح وفصيلها |
48 |
8 |
الخاتمة:
وفي نهاية المطاف نذكر أهم النتائج التي توصل إليها البحث، وهي على النحو الآتي:
1. القرآنية من المفاهيم الإجرائية الجديدة على الساحة النقدية، ولعلَّ مكمن الجدة فيه رصد تحرك القرآنية على مستوى بناء القصيدة الفني، أو الرؤى والأنساق، وهذا الأمر ما لم يلتفت إليه كثير ممن خاضوا في هذا المضمار.
2. كانت البنائية القرآنية في علويات الشيخ صالح الكواز الحلي واضحة بينة كشفت عن استثمار أمثل من لدن الشاعر.
3. استطاع الشاعر أن ينشئ نصاً موازياً للقرآنية يقوم عليها، ولكنه يجري بعكس اتجاهها مما ينبئ عن قصدية في تشكيل القصيدة على هذا النحو، فيتعدى ذلك مجرد الاقتباس إلى ما هو أبعد منه، وهو ما اصطلحنا عليه (النص الموازي المعاكس).
4. تنوعت الآليات القرآنية في العلويات على مستوى البناء، فمنها النص الموازي المعاكس الذي ألمحنا إليه، ومنها الرمز، وضرب المثل، والدعاء، وابتكار الصورة، مما يشير إلى إمكانيات فنية كبيرة للشاعر في استثمار تلك القرآنية في تصوير واقعة الطف أحداثاً وشخوصاً ومواقفاً.
5. كان لتنوع الآليات القرآنية واستثمارها في بناء القصيدة أثره في تشكيل جديد للقصيدة اختلف عمّا هو معروف في بنائها المعتاد، الأمر الذي نعده ملمحاً أو اتجاهاً تفرَّد به الشاعر الحلي.
6. كان ضرب المثل بالأقوام البائدة كـ (عاد، وثمود، وتبع) في موضوع الرثاء طريقاً اتخذه الشعراء القدامى، أما شاعرنا فقد تعامل معها تعاملاً اختلف عما تعاوروا عليه، إذ ضخَّ فيه روحاً جديدة، مكنه منها ما طرحه القرآن الكريم وما طرحته واقعة الطف من تجليات شعورية وفكرية عند الشاعر.
7. كانت القرآنية المباشرة غير المحورة في العلويات أقل من القرآنية المباشرة المحورة مما يكشف عن تعامل الشاعر مع القرآن على أساس حركي أكثر مما هو سكوني، وهذا يتقابل مع ما حركته في داخله واقعة الطف فكراً وشعوراً وأنتج لنا هذه القرآنية التي يمكن أن نطلق عليها أنها قرآنية طفيَّة أو حسينيَّة.
وأخيراً، نحمد الله العلي القدير على حسن معونته لإتمام هذا البحث، الذي قصدنا به القربة منه، وإظهاراً لإمكانيات شاعر حسيني غيَّبته الأيام عن ذاكرة البحث والدراسة، فوجدنا أنفسنا مدينين له بالوفاء وحسن الذكر.
هوامش البحث:
1. نعت الدكتور علي كاظم المصلاوي هذه القصائد بـ (الطفيات) نسبة إلى الطف على وفق رؤية نقدية مؤسسة لهذا المصطلح وذلك في بحثه الموسوم بـ (طفيات الشيخ صالح الكواز الحلي ؛ دراسة موضوعية تحليلية).
2. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 16.
3. م. ن: 8.
4. أشار الدكتور مشتاق عباس معن مجترح مصطلح (القرآنية) إلى تقنية ثالثة وهي القرآنية غير المباشرة المحوَّرة، وهو ما لم يتوافر في أنموذجه التطبيقي، وكذلك لم يتواجد في أنموذجنا (العلويات). ينظر: تأصيل النص: 183.
5. البابليات: 2 / 87، و ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 4.
6. أدب الطف: 7 / 214 – 215، وديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 5.
7. البابليات: 2 / 87، ومشاهير شعراء الشيعة: 2 / 316، وديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 4.
8. ينظر: مثير الأحزان: 280، وديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 6.
9. ينظر: ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 4.
10. معجم الشعراء العراقيين: 180.
11. ينظر: ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 51، 67، 68، 70، 98.
12. م. ن: 5.
13. ينظر: أعيان الشيعة: 11/404.
14. ينظر: ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 4.
15. م. ن: 7 – 8.
16. ينظر م. ن: 8، 12 – 13.
17. م. ن: 13 – 14.
18. البابليات: 2 / 87، وشعراء الحلة: 3 / 161، ومعارف الرجال: 376، ومشاهير شعراء الشيعة: 2 / 316، وديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 4.
19. ديوان السيد حيدر الحلي: 2 / 137.
20. طفيات الشيخ صالح الكواز الحلي ؛ دراسة موضوعية تحليلية: 8.
21. هو الدكتور مشتاق عباس معن في كتابه: تأصيل النص: 168 – 188.
22. تأصيل النص: 170.
23. ابن كناسة هو ابو يحيى محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الأسدي من أهل الكوفة انتقل إلى بغداد وأقام بها؛ اخذ عن جلة الكوفيين، ولقي رواة الشعراء و فصحاء بني أسد، وكان شاعرا وله من الكتب: الأنواء،ومعاني الشعر، و سرقات الكميت من القرآن وغيره.ولد سنة 123 هـ وتوفي 207هـ.تنظر ترجمته في: الفهرست:1/105.
24. تأصيل النص: 169.
25. مختصر المعاني: 450، والإيضاح: 6 / 137.
26. الإتقان في علوم القرآن: 1 / 11.
27. تأصيل النص: 169.
28. ينابيع المودة لذوي القربى: 1 / 214.
29. تنظر الأحاديث النبوية في: ينابيع المودة لذوي القربى: 1 / 11، 455، 462، و 2 / 38.
30. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 24.
31. يوسف: 18.
32. يوسف: 12.
33. يوسف 23.
34. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 24.
35. يوسف: 26.
36. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 24.
37. ص: 41، 42.
38. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 24.
39. القصص: 29.
40. ص: 18.
41. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 25.
42. البقرة: 249.
43. البقرة: 248.
44. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 25.
45. الناشرات في قوله تعالى من سورة المرسلات (الآية 3): )فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً. وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً(، أما الموريات ففي قوله تعالى من سورة العاديات الآية 2: )وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً. فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً(.
46. قال تعالى في سورة إبراهيم الآية 37 على لسان إبراهيم(عليه السلام): )رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(.
47. ينظر على سبيل المثال لا الحصر: قصص الأنبياء: 203 – 205.
48. القصص 10 – 13.
49. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 25.
50. م. ن: 26.
51. المسد: 4 – 5.
52. الإنسان: 1.
53. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 27.
54. م. ن: 27.
55. يوسف: 124.
56. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 45.
57. الأعراف: 160.
58. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 31.
59. م. ن: 31.
60. الأعراف: 143.
61. النساء: 157 – 158.
62. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 47.
63. م. ن: 48.
64. الشمس: 11 – 15.
65. من القدماء ممن نجد عنده هذه الطريقة وهي معروفة في الرثاء الأسود بن يعفر النهشلي في قصيدته التي مطلعها:
نام الخلي وما أحس رقادي والهم محتضر لدي وسادي
ينظر: ديوانه: 25.
ونجدها أيضاً عند عدي بن زيد العبادي في قصيدته التي يبدؤها:
أين أهل الديار من قوم نوح ثم عاد من بعدهم وثمود
ينظر: ديوانه: 122.
ونجدها عند أبي العتاهية في قصيدته التي يبدؤها:
المنايا تجوس كل البلاد والمنايا تفني جميع العباد
ينظر: أبو العتاهية أشعاره وأخباره: 112.
66. ينظر: الأدب الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة: 108.
67. تأصيل النص: 182.
68. النبأ: 201.
69. الميزان في تفسير القرآن:20/163.
70. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 17.
71. الحج: 22.
72. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي:
73. يوسف: 80.
74. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 46.
75. الإنسان: 1.
76. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 26.
77. المطففين: 7.
78. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 46.
79. ينظر: الأدب الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة: 108.
80. المائدة: 5.
81. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 32.
82. م. ن: 18.
83. مريم: 4.
84. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 38.
85. الصافات: 139 – 146.
86. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 47.
87. القصص: 24.
88. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 18.
ثبت المصادر والمراجع:
• القرآن الكريم.
• أبو العتاهية أشعاره وأخباره، تحقيق: د. شكري فيصل، مطبعة جامعة دمشق، 1384هـ - 1965م.
• الإتقان في علوم القرآن،جلال الدين السيوطي، دار الندوة الجديدة، بيروت، 1951م.
• الأدب الأندلسي من الفتح حتى سقوط غرناطة، د. منجد مصطفى بهجت، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر – بغداد، 1988م. د.ط.
• أدب الطف، أو شعراء الحسين(عليه السلام) من القرن الأول الهجري حتى القرن الرابع عشر، جواد شبر، ط1، مؤسسة التاريخ، بيروت، 1422 هـ - 2001 م
• أعيان الشيعة، السيد محسن الأمين العاملي، تحـ: حسن الأمين، ط5، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1420 هـ - 2000 م.
• الإيضاح في علوم البلاغة، للخطيب القزويني (تـ739هـ)، شرح وتعليق وتنقيح: د. محمد عبد المنعم خفاجي، ط3، دار الجيل – بيروت، د. ت.
• البابليات، محمد علي اليعقوبي، ط2، دار البيان، مصر، 1951 م.
• تأصيل النص قراءة في ايديولوجيا التناص، د. مشتاق عباس معن،ط1،دار الكتب، صنعاء،1424هـ ـ2003م.
• ديوان الأسود بن يعفر، صنعه د. نوري حمودي القيسي، مطبعة الجمهورية – بغداد، 1390هـ - 1970م.
• ديوان السيد حيدر الحلي، تحـ: علي الخاقاني، ط4، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1404 هـ - 1984 م.
• ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي، عني بجمعه وشرحه وترجمة أعلامه وسرد الحوادث التاريخية المذكورة فيه: محمد علي اليعقوبي، ط1، منشورات مكتبة ومطبعة الحيدرية، النجف،1384 هـ.
• ديوان عدي بن زيد العبادي، حققه وجمعه محمد جبار المعيبد، دار الجمهورية للنشر والطبع، بغداد، 1965م.
شعراء الحلة،علي الخاقاني، ط2، دار البيان، بغداد،1395هـ ـ 1975م.
طفيات الشيخ صالح الكواز الحلي دراسة موضوعية تحليلية،د. علي كاظم محمد علي المصلاوي، مجلة جامعة كربلاء ـ المجلد الخامس ـ العدد الرابع ـ إنساني ـ كانون الأول ـ2007م.
• الفهرست، محمد بن إسحاق أبو الفرج النديم تـ 385هـ، دار المعرفة، بيروت،1398هـ ـ 1978م، د.ط.
• قصص الأنبياء، لابي الفداء اسماعيل بن كثير 701ـ 774هـ، تحقيق:مصطفى عبد الواحد،ط1، دار التاليف، مصر، 1388هـ ـ 1968م.
• مثير الأحزان، الشيخ شريف الجواهري، ط1، دار المحجة البيضاء، بيروت، 1423 هـ - 2002 م.
مختصر المعاني، سعد الدين التفتازاني،مطبعة عبد الله أفندي، القاهرة، 1307هـ، د.ط.
مشاهير شعراء الشيعة، عبد الحسين الشيشتري، ط1، ستارة، قم، 1421 هـ.
• معارف الرجال في تراجم العلماء و الأدباء، الشيخ محمد حرز الدين، تعليق حسين حرز الدين، مطبعة الولاية، قم، د.ت.ط.
• معجم الشعراء العراقيين المتوفين في العصر الحديث ولهم ديوان مطبوع، جعفر صادق حمودي التميمي، ط1، بغداد، 1991 م.
• الميزان في تفسير القرآن، محمد حسين الطباطبائي، ط3، منشورات الاعلمي للمطبوعات، بيروت،1984.
• ينابيع المودة لذوي القربى، الشيخ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي تـ 1294هـ،تح: سيد علي جمال اشرف الحسيني، ط2،دار الاسوة للطباعة و النشر، 1416 هـ.