قواعد البنية الصرفية في تائية دعبل الخزاعي (ت 246هـ) الجمع والإعلال مثالين
يعد دعبل بن علي الخزاعي (148 هـ - 246هـ)، أكبر شاعر شيعي ظهر بعد السيد الحميري (173هـ)؛ إذ كرس شعره وحياته في الدفاع عن مظلومية آل بيت النبي محمد (صلوات الله عليهم أجمعين)، وناضل سلطة الجائرين.
ويجد المتتبع أن تائية دعبل – وهو الاسم الذي اشتهرت به القصيدة - تستحق أن تدرس دراسة صرفية من مختلف الجوانب، مثل: إسناد الافعال الى الضمائر، والمشتقات، والجموع، وغير ذلك. وقد اكتفينا في هذا البحث بدراسة موضوعي الجمع والاعلال تاركين لغيرنا من الباحثين الاهتمام بدراسة النواحي الصرفية الاخرى فيها، وإنما اخترنا دراسة هذين الموضوعين دون غيرهما؛ ذلك أن الجمع يشكل مساحة واسعة في الصرف العربي، أما الاعلال فإنه يتصل بكثير من موضوعات الصرف. ومن هنا كان عنوان البحث: (قواعد البنية الصرفية في تائية دعبل الخزاعي الجمع والاعلال مثالين)، ومنهجنا فيه يقوم على عد الألف والياء والواو من الاصوات المدية حركات طويلة، لاحروفاً ساكنة مسبوقة بحركات من جنسها، كما كان يرى القدماء. وهذا البحث يتكون من: ملخصين باللغتين العربية والأنجليزية (المقدمة)، نص القصيدة (تائية دعبل)، المبحث الأول: الجمع في تائية دعبل، المبحث الثاني: ظاهرة الاعلال في تائية دعبل، الخاتمة، هوامش البحث. روافد البحث. درسنا في المبحث الأول: الجمع في تائية دعبل، في حين تكفل المبحث الآخر: بدراسة ظاهرة الاعلال فيها، وأجملنا في الخاتمة أهم النتائج التي توصل إليها البحث، ومن المفيد أن ننبه القارئ الكريم إلى أننا قمنا بترقيم أبيات القصيدة التي بلغت 115 بيتاً شعرياً؛ لأننا احتجنا الإحالة على بعض الأبيات بقولنا: تائية دعبل ونذكر رقم البيت الذي ورد في تسلسل الأبيات، ثم نذكر موضع القصيدة من الديوان المحقق. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه أجمعين.
Abstract:
Deebil bin Ali Alkhuzaee (148 – 246 AH) , Poet's biggest Shiite emerged after Mr. Humairi as devoted his poetry and his life in defense of the sufferings of the Ahlulbait (peace be upon them all) and fought unjust authority..
Abstract:
Deebil bin Ali Alkhuzaee (148 – 246 AH) , Poet's biggest Shiite emerged after Mr. Humairi as devoted his poetry and his life in defense of the sufferings of the Ahlulbait (peace be upon them all) and fought unjust authority..
تائية دعبل
لدعبل شعر كثير في رثاء آل البيت :، وذكر مناقبهم ومهاجمة خصومهم، والتوجع لما أصابهم من ظلم وأذى. ولعل أشهر قصيدة تذكر لدعبل بهذا الصدد هي تائيته المعروفة التي قصد بها الإمام علي بن موسى الرضا 7 (ت203هـ)، في خراسان أيام ولايته العهد في زمن المأمون العباسي، فأعجب بها الامام، وأجاز دعبل عليها ([1]).
وقد عنى علماء الشيعة بهذه القصيدة عناية خاصة، وحرصوا على شرحها والتنويه بها، ويكفينا هنا أن نقول: إن محقق الديوان قد ذكر لها خمسة شروح لخمسة من علماء الشيعة([2])، وقد اعتمدنا في دراسة هذه القصيدة على ما أثبته محقق الديوان (الدجيلي)، لما تميز به هذا التحقيق من دقه الضبط لنص القصيدة، فضلاً عن دقة الترتيب ومنطقيته. وفيما يأتي نذكر أبيات التائية، كما جاءت في التحقيق المذكور([3]) .
1- تَجاوبْنَ بالأرنانِ والزّفراتِ |
|
نوائحُ عُجمُ اللفظِ، والنَطِقات([4]) |
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
||
|
المبحث الاول : الجمع في تائية دعبل
يعرف الجمع بأنه اسم معرب ناب عن ثلاثة فأكثر، بزيادة في آخره، أو بتغيير في بنائه ([5])، نحو: صادقون وكاتبات ورجال. وتلجأ العربية الى التمييز بين المفرد والمثنى والجمع عن طريق لواحق تلحق بالمفرد؛ لتدل على المثنى والجمع، وهي لا تكفي باعتماد ظاهرة التثليث هذه، بل إنها لتحرص على التفريق بين الجموع ([6])؛ فمن الجموع ما يسمى الجمع الصحيح بنوعيه المذكر والمؤنث، ومنها ما يسمونه جمع التكسير، وصنف ثالث من الجمع يطلقون عليه اسم جمع الجمع. وهناك ألفاظ دالة على الجمع، لا تدخل تحت أي قسم من الاقسام السابقة، وهي قسمان، إحداهما: يسمى اسم الجمع، والآخر: يسمى اسم الجنس الجمعي. وقد وردت هذه الأشكال كلها في تائية دعبل، ولكن بنسب متفاوتة جداً، فكان جمع المؤنث السالم وجمع التكسير أكثر هذه الأنواع وروداً فيها.
جمع المذكر السالم
يرى من يدقق النظر في أبيات التائية أن الكلمات الدالة على الجمع تزدحم فيها، ولا نغالي إذا قلنا: إنه يكاد لا يخلو بيت من أبياتها إلّا فيه لفظ واحد دال على الجمع أو أكثر. ولكن جمع المذكر جاء بنسبة قليلة؛ إذ جاءت فيها ثلاثة ألفاظ، وهي: المستهترين،ووارثي، وواتري([7]). وهذه الألفاظ إنما جمعت جمع المذكر السالم؛ لكونها صفات المذكر العاقل، خاليات من التاء، صالحات لقبولها([8]). وقد تحقق الجمع في هذه الألفاظ بوساطة المد الطولي للكسر مع زيادة النون، تلك الزيادة التي تلحق هذا النوع من الجمع في حالتي النصب والجر. ويلاحظ أيضاً على هذه الألفاظ أنها حين جمعت هذا الجمع لم يحدث فيها أي تغير سوى زيادة علامة هذا الجمع، والسر في ذلك أنها اسماء صحيحة الآخر([9]). وهناك ألفاظ لم تستوف شروط جمع المذكر السالم، ولكنها جاءت عن العرب على هذه الطريقة في الجمع؛ فعدها الصرفيون ألفاظاً ملحقة به من حيث الإعراب([10])، واستعمل دعبل منها أربعة ألفاظ، هي: بني الزرقاء، وأولو الكفر، والسنين وثلاثين([11]). ويرى الدكتور ابراهيم السامرائي أن هذه الألفاظ الملحقة بجمع المذكر السالم وتابعة له هي من بقايا مرحلة لغوية قديمة لم تتقيد فيها اللغة بضوابط واضحة ([12]). وقد لاحظ السامرائي أيضاً أن جمع التصحيح المذكر يلتزم قاعدة ثابتة لا تتغير في الأحوال الثلاث، وهي المد الطولي لحركة آخر اللفظ وزيادة النون المفتوحة، فاستنتج بأن هذا الجمع أحدث عهداً من جمع التكسير؛ ((لأنه يشير إلى أن اللغة بدأت مرحلة جديدة، تخضع فيها للقواعد المقررة، متخلصة من الشذوذ وتعدد الألسنة)) ([13]).
جمع المؤنث السالم
إمتازت تائية دعبل بكثرة الألفاظ المجموعة بالألف والتاء؛ إذ وصل عددها الى ما يقارب الثمانين. ونظرة فاحصة في هذه الألفاظ اتضح لنا أن سبب جمع الكثرة الغالبة منها بهذا الجمع هو أن أواخرها مختومة بعلامة التأنيث: التاء المربوطة، من مثل: منهزمات، والخاليات، وحسرات، والفلتات، والجمرات، والحسنات، ووغرات، وصفات، ومختلفات، وديات ([14]). وهي جمع منهزمة، والخالية، وحسرة، والفلتة، والجمرة، والحسنة، ووغرة، وصفة، ومختلفة، ودية. وهناك مفردات جمعت بهذا الجمع؛ لأنها صفات لمذكر غير عاقل، نحو: وعر(صفة للطريق)، وصفر(صفة للشيء الخالي)، والصلد (صفة للشيء الصلب) التي جمعها دعبل على وعرات وصفرات وصلدات([15]). وثمة ألفاظ مجموعة جمع تكسير، وجمعت في التائية جمع المؤنث السالم من باب جمع الجمع قصداً للمبالغة في التكثير، نحو: الطرقات، وسادات، والسروات والفجرات ([16])، جمع الطرق وسادة، والسراة والفجرة، والطرق جمع الطريق، وسادة جمع سيد، والسراة جمع السري، والفجرة جمع الفاجر ([17]). وهناك مفردة واحدة جمعت بالألف والتاء؛ لأنها مختومة بألف التأنيث الممدودة، وهي لفظة (سماء) التي جمعت في التائية على (سماوات)([18]). ويبدو واضحاً لمن أنعم النظر في أبيات التائية أن كثيراً من المفردات التي جمعت بهذا الجمع، يمكن أن تجمع جمعاً آخر، فالمفردات: العرصة، والهضبة، والرخمة التي جمعها دعبل بالألف والتاء([19])، جاءت في كلام العرب مجموعة جمع تكسير([20])، على عراص وهضاب ورَخَم ورُخْم، وكذلك لفظة نخلة التي جمعها دعبل على نخلات ([21])، لنا أن نقول في جمعها: نَخل ونخيل ([22])، وكذلك (وَعْرٌ) التي جمعت في القصيدة على وعرات ([23])، يجوز أن تجمع على أوْعُر ووُعور وأوعار([24]). والغَمرة أيضاً التي جمعت في التائية على الغَمَرات ([25])، يحق لنا أن نقول في جمعها: غِمار وغُمَرة([26])، كذلك يقال في اللهاة، إذ يجوز جمعها على لَهَوات، كما في القصيدة ([27])، ويجوز جمعها جمع تكسير على لُهِيّ ولِهِيّ ولَهاً ولِهاء([28]). وهذا الجمع وغيرها ربما احتاج الشاعر إليها، أو رغب في استعمال بعضها، ولكن عسر عليه ذلك؛ لألتزامه بوزن واحد وقافية واحدة. ولا غرابة في ذلك فالشعراء أحياناً يضحون بكل شيء بما في ذلك قواعد النحو والصرف من أجل المحافظة على موسيقى الشعر وقوافيه([29]). والكثرة الكاثرة من المفردات حين جمعت بهذا الجمع في قصيدة دعبل لم يحدث في آخرها تغيير سوى حذف التاء وزيادة ألف وتاء، ويمكن أن نلاحظ ذلك في الكلمات([30]): الخاليات جمع الخالية، والوجنات جمع الوجنة، والعثرات جمع العثرة، ومؤتنفات جمع مؤتنفة، وآيات جمع آية، والرحمات جمع الرحمة، ومنطويات جمع منطويه، ومبتدرات جمع مبتدرة، والمذنبات جمع المذنبة، والشجرات جمع الشجرة، ومنقبضات جمع منقبضة. ويعزى سبب ذلك إلى كونها أسماء صحيحة الآخر أو شبيهة بالصحيحة الآخر أو أسماء منقوصة مختومة بالتاء المربوطة ([31]). ومن المفردات ما طرأ على آخرها تغييرات عند جمعها بهذا الجمع، فالألفاظ: الصلاة، والسراة، والفلاة، والغداة، واللهاة حين جمعت على الصلوات، والسروات، والفلوات، والغدوات، واللهوات([32])، حذفت فيها التاء المربوطة وقلبت الألف الى واو، وزيدت الالف والتاء؛ لأنهما أسماء ألفها ثالثة وبعدها تاء تأنيث([33]). ولفظة (سنة) حين جمعها دعبل على سنوات([34])، حذفت منها التاء المربوطة، وعاد المحذوف من لام الكلمة (الواو)، وزيدت الألف والتاء، وكذلك (سماء) حين جمعت على سماوات ([35])، قلبت فيها الهمزة إلى واو، وحذفت تاء التأنيث، وزيدت علامة جمع المؤنث السالم .ويجوز في كلمة (سماء) إبقاء الهمزة على حالها، وجمعها على سماءات ([36]). ويلاحظ في الأمثلة المتقدمة أن التاء المربوطة قد حذفت، في حين لا تحذف الألف المقصورة ولا الممدودة، وهما من علامات التأنيث، والسبب في ذلك أن التاء المربوطة تجانس التاء الثابتة في الجمع، فحذفت؛ حتى لا تجمع في الكلمة علامتا تأنيث متجانستان في اللفظ، وليست كذلك الألف المقصورة والمدودة؛ لأنهما من غير جنس التاء الثابتة في الجمع؛ ولهذا لا تحذفان([37]). وأما سبب حذف التاء الأولى فلأنها دالة على التأنيث فقط، والثانية دالة على الجمع والتأنيث([38]).
ويرى الدكتور ابراهيم السامرائي أن جمع المؤنث في نحو (فاطمة) لا يكون بحذف التاء المربوطة في آخر المفرد وزيادة الألف والتاء، كما تقول كتب النحو، وإنما يحصل بأشباع الفتحة التي تسبق التاء المربوطة، ولا شيء آخر غيره([39])، فهي على هذا الرأي تشبه جمع التكسير الذي يتم بتأثير التحول الداخلي في صيغة المفرد.
وإذا تجاوزنا التغيرات التي تطرأ على أواخر الكلمات عند جمعها بالألف والتاء، نجد أنّ ثمة تغيير آخر ينحصر بحركة عين الكلمة عند جمعها بهذا الجمع، ويتمثل هذا التغير يتحريكها بالفتحة أو الضمة حسب ما تقتضيه ضوابط اللغة التي استنبطها اللغويون من كلام العرب. وقد جعل الشاعر عين بعض الجموع محركاً بالفتح، من مثل: الزفَرّات، والنَشواتَ، والعَبَلات واللّزبات واللّحَظات([40])، وهذا التحريك أمر أملته عليه قواعد اللغة؛ لأن مفرداتها (الزفرة ونشوة والعبلة واللزبة واللحظة) أسماء ثلاثية، لحقتها التاء، وأولها مفتوح، وثانيها صحيح ساكن([41]). وحين يكون أمام الشاعر مجالاً رحباً، وحرية كافية في اختيار الحركة، فإنه يختار الحركة التي تؤدي الى الإتباع الحركي، ولهذا حرك الكلمات: الظلمات والشبهات والغرفات والحجرات بالضم([42])، وكان يحق له من الناحية اللغوية تحريكها بالفتــح أو جعلـــها ساكنة ([43]). ويرى الدارسون المحدثون أن الميل إلى الإتباع الحركي صفة من صفات القبائل البدوية وهو قليل الحدوث في لهجة الحجاز([44]).
جمع التكسير
هو من العناصر اللغوية التي كانت سائدة في اللغة السامية الأم، ثم أصبحت فيما بعد مزية من مزايا اللغة العربية ولم يشارك العربية في هذه الخصيصة من اللغات السامية إلاّ الحبشية التي وجد فيها شيئا من صيغ جموع التكسير([45]). وقد سمّى العلامة (هنري فليش) هذا النوع من الجمع (بالجمع الداخلي) على أساس أنه يحدث بتأثير التحول الداخلي في صيغة المفرد([46])، على العكس من جمعي التصحيح المذكر والمؤنث الذين يحدثان عن طريق لواحق تتصل بأخر الاسم المفرد. وقد توسعت العربية في استخدام صيغ جمع التكسير الى درجة أن بعضهم أوصلها الى ما يناهز الأربعين بناءً([47])، ووجود هذا العدد الكبير من قوالب جمع التكسير في العربية عدها بعض الباحثين أحد الأدلة القوية التي استدل بها على أن اللغة العربية أقرب اللغات السامية الى اللغة السامية الأم([48]). وأرجع الدكتور ابراهيم السامرائي تعدد قوالب جمع التكسير وكثرتها في العربية الى اختلاف اللهجات العربية القديمة ([49])، ومن الباحثين من يرى أن ثمة أسباب فنية أخرى وراء هذا التعدد لعل أهمها: دلالة الجمع على القلة والكثرة وكون الكلمة مشتركة بين معنيين مختلفين، فيجمع كل معنى على وزن واضطر العربي في شعر، أو سجع إلى أن يستعمل اكثر من جمع لمعنى واحد، تحقيقاً لمبدأ الملائمة اللفظية في الحركات والسكنات مع الكلمات المجاورة([50])، وجعل اللفظ دالاً على العموم أو الخصوص وإرادة العاقل أو غير العاقل، وإثبات مجرد الصفة أو المبالغة فيها([51])، ويقسم الصرفيون العرب جموع التكسير على قسمين: قسم يستعمل للعدد القليل، ويسمى جمع القلة، وقسم وضع للعدد الكثير، ويقال له جمع الكثرة([52])، ولقد نفى الدكتور علي أبو المكارم إرتباط هذين النوعين بجمع التكسير بالعدد ورأى أن اختلافهما يعود إلى الإختلاف بين لهجتين شائعتين في جمع الصيغة([53])، والحق أن تصديق رأي الصرفيين العرب بخصوص علاقة هذين النوعين من الجمع بالعدد يحتاج إلى أدلة لغوية واقعية من نصوص اللغة واستعمالاتها، وهي أدلة عجز اللغويون العرب عن الإتيان بها. ولا يعني هذا أننا ننفي علاقتها بالعدد نفيا قاطعاً ولكننا لا نقول به دوما ونرى أن ارتباطهما بالعدد إنما يكون في المفردات التي لها جموع قلة وجموع كثرة وما عدا ذلك نظن أن فكرة إختصاص القلة بصيغ والكثرة بصيغ أخرى لم تكن تراعى في كلام العرب الفصحاء بدليل أن قوالب هذين القسمين من جموع التكسير قد تتناوب في تأدية أدوارها الوظيفية وينزل بعضها منزل بعض فيستعمل القالب الموضوع للقلة مكان القالب الموضوع للكثرة وجمع الكثرة يوضع مكان جمع القلة([54]). وعلى أية حال أن الصرفيين العرب قد اتفقوا على أن جمع القلة وضع للدلالة على عدد يبدأ بالثلاثة ولا يزيد على العشرة واتفقوا أيضاًعلى أن لجموع القلة أربعة قوالب هي افْعَل وأفعال وأفعِلة وفعلة([55]). وقد وردت أمثلة جموع القلة في تائية دعبل على الأوزان: أفْعُل، وأفْعال، وافِعْلة؛ إذ جمع الشاعر المفردات: نفْساً، ويدا ً، ووجها ً، وكفّا ً، على انْفُس، وأيد، وأوجه، وأكف([56])، أي على بناء (أفعل) والجمعان الأولان قياسيّان على هذا الصيغة؛ لأنّ مفرد (أنْفُس) اسم ثلاثي على وزن (فعل) صحيح الفاء والعين وغير مضعّف، ومثل ذلك يقال في (يد) التي أصل مفردها (يَدْيٌ)، وعند الجمع حذفت لام الكلمة، وكسرت عينها، فصارت أيْدٍ ([57]). وأما الجمعان (أوجه) و(أكف) فجمعهما على هذه الصيغه يعد شاذاً في نظر الصرفيين، ووجه الشذوذ فيهما أن مفرد الأول منهما (وجه) معتل الفاء، وأن مفرد الأخر (كف) مضعف، والقياس أي يجمعا جمع قلة على أفعال([58])، واستعمل دعبل البناء (افعال) جمعاً للاسماء الثلاثية التي لاينقاس جمعهاعلى (أْفعُل)، مما كان مفرده على وزن (فًعْل) معتل العين([59])، نحو: أشياخ وأيام جمع شيخ ويوم([60]). وجمع على هذه الصيغة أيضاً ما كان على وزن (فَعَل) من الأسماء مثل جمع النفس والوتر وحجر على الأنفاس والأوتار أحجار([61])، ومثل ذلك فعل في الاسماء الثنائية التي أصلها على وزن (فَعَلَ) نحو: ابن والأب؛ إذ جمعها على أبناء وأباء([62]). وكذلك جاءت (أفعال) جمعاً لأسماء على وزن (فُعُل) و(فِعْل), نحوالآفاق والأضلاع جمع الأفق والضلع ([63])، كما جاءت جمعا لبعض الصفات، مثل: أصحاب وأبطال وأنضاء جمع صاحب وبطل ونضو([64])، وهذه الجموع الثلاثة الاخيرة من الامثلة المسموعة التي تحفظ، ولايقاس عليها ([65]). وأما القالب (فِعْلَة) فهو جمع لم يطرد في شيء من الأوزان، وإنما هو سماعي، يحفظ ما ورد منه، ولا يقاس عليه، ولعدم اطراده كان ابو بكر بن السراج (ت 316هـ) لا يعده من صيغ الجموع، بل يجعله اسم جمع ([66]). وقد سمعت فيه اسماء معدودة في كلام العرب، منها (فِتية) التي وردت في التائية جمعاً لفتى([67]).
وتستعمل أوزان جمع الكثرة للدلالة على عدد يبدأ بالثلاثة، ويزيد على العشرة إلّا صيغة منتهى الجموع، فتدل على عدد يبدأ من أحد عشر الى ما لا نهاية له ([68]). وأبنية جمع الكثرة خمسة وثلاثون بناءً، منها ستة عشر لغير صيغ منتهى الجموع، والباقي لها ([69]). وقد ضمن دعبل تائيته عدداً غير قليل من أمثلة جموع الكثرة، منها جاءت على صيغة (فُعْل)، هي: عجم،وخضر، والبيض([70])، جمع أعجم عجماء، وأخضر خضراء، والأبيض البيضاء. وهذه الصيغة قياسية في مثل هذه الصفات([71])، وعلى هذه الصيغة أيضاً جمع نحيف، فيقال: نُحْف([72]). ويبدو أن الشاعر سكن الحاء للضرورة الشعرية، إذ إن المسموع عن العرب أن يجمع (فعيل) من الصفات على (فعل) ([73])، والقياس أن يجمع على نحفاء، ونحاف([74]). وصنف ثان من الأمثلة جاءت على البناء (فُعول)، نحو: عيون ورسوم وكهول وقصور ونحور([75])، جمع عين ورسم وكهل وقصر ونحر. ويلاحظ أن كل هذا المفردات أسماء جاءت على وزن (فَعْل)، لذا يطرد جمعها على هذا البناء ([76]). وقسم ثالث من الأمثلة جاءت على الوزنين: فِعَل وفِعال، هي: دِول ([77])، جمع دولة على وزن (فَعْلة)، ووصال وديار ([78])، جمع وصل ودار على وزن (فَعْل). ويرى الصرفيون أن وزن (فِعال) يطرد في جمع ما جاء على (فَعْل) اسماً أو وصفاً بشرط ألا يكون يائي الفاء أو العين ([79])، واختلفوا في قياسية جمع (فًعْلًة) على (فِعَل)، فمن الصرفيين من يذهب الى قياس هذا الجمع فيما كان على وزن (فَعْلة)، في حين يرى جمهور الصرفيين أن ذلك يحفظ ولا يقاس عليه ([80]). وصيغة (فِعَل) هي الاصل في صيغة (فِعال)، ولا فرق بينهما سوى طول الفتحة في (فِعال)، وقصرها في (فِعَل)، غير أن (فِعال) تجمع عليها اسماء وصيغ كثيرة، بعكس (فِعَل) الذي لم تقس إلا في (فِعْلَة) ([81]). وقد عزا بعض الدارسين المحدثين ذلك الى أن الناطق العربي حين شعر بضعف الصيغة الاصلية (فِعَل) عن الدلالة على الكثرة، لجأ الى تاكيد الكثرة التي يريدها بإطالة حركة العين([82]). وهذا الرأي يقوم على افتراض أن الكلمات التي تجمع الآن على وزن (فِعال) كانت في مرحلة لغوية قديمة تجمع على (فَعِل)، وليس من دليل يؤيد هذا الإفتراض، ونوع رابع من الأمثلة جمعت على الوزنين (فُعّل وفُعّال) مثل: زُوّر وزُوّار([83])، جمع زائر ويطرد هذان الوزنان في جمع ما جاء من الصفات على وزن (فاعل) صحيح العين([84]). وقد عد بعض الدارسين المحدثين مجيء مفرد هاتين الصيغتين على وزن واحد دليلاً على أن الصيغتين متماثلتان، وأن صيغة (فُعّال) ناشئة عن صيغة (فُعّل)([85]). وهناك صفة أخرى: جاءت على وزن فعيل، وجمعت على فعل، وهي غليظ التي جمعت على غُلّظ ([86]). وليس في كتب الصرفيين ما يشير إلى أن فعيل من الصفات تجمع على (فُعّل)، والمسموع في مثل هذه الصفات تجمع جمع كثرة على (فُعُل) ([87])، والقياس أن تجمع على غُلاظ ([88]). وثمة امثلة في التائية جمعت على البناء (فُعَلَة)، نحو: هُداة، وحُماة، وولاة ([89]) جمع هادٍ و حامٍ ووالٍ. ويطرد جمع مثل هذه المفردات على هذا البناء، لأن كلّاً منهما وصف لمذكر عاقل على وزن فاعل معتل اللام([90]). ووردت في التائية أيضاً مفردات جمعت على القوالب: فَعْلى وفِعْلان وأفعِلاء وفُعَلاء، هي: قتيل وعقاب وحبيب ونعيم التي جمعت على قتلى وعقبان وأحباء ونعماء ([91]). وكل هذه الجموع قياسية، ذلك أن قتيل وصف على وزن فعيل بمعنى مفعول، يدل على هلاك، فجمع على قتلى، وعقاب اسم على وزن فعال فجمع على عِقبان ([92]). وقد جمع حبيب على أحباء؛ لأنه وصف لمذكر عاقل مضعف على وزن فعيل بمعنى فاعل،و أما نعيم فهو وصف لمذكر عاقل على وزن فعيل بمعنى فاعل، غير مضعف ولا معتل اللام، يدل على مدح، فجمع على النعماء ([93]). هذه هي أمثلة جموع الكثرة لغير منتهى الجموع التي جاءت في تائية دعبل. ومن جموع الكثرة جمع يقال له: صيغة منتهى الجموع أو الجمع المتناهي، كما يسمى الجمع الأفضى، والجمع الذي لا نظير له في الآحاد، غير أن تسميته بـ(صيغة منتهى الجموع) هي التسمية المتداولة اليوم بين الباحثين والدارسين ([94])، وسمي بهذا الاسم؛ لأنه نهاية الجمع، فلا يجوز أن يكسر الاسم المجموع على هذه الصيغة مرة أخرى ([95]). ويقصد به كل جمع تكسير يأتي بعد ألف التكسير صوتان صامتان، نحو: مساجد أو صوتان صامتان بينهما ياء المد نحو: مصابيح ([96]). وله تسعة عشر وزناً، كلها تستعمل لجمع مزيدات الثلاثي إلّا فعالل وفعاليل، فإنهما يستعملان لجمع الرباعي والخماسي المجرديين والمزيدين، ويشاركهما في ذلك بعض المزيد من الثلاثي ([97]).
وقد جاءت أمثلة الجمع المتناهي في تائية دعبل على عدة أوزان؛ إذ جعل الوزن (فواعل) جمعاً للمفردات: نائحة وسافرة وناحية التي جمعها على نوائح وسوافر ونواحٍ ([98]). ويذهب الصرفيون الى قياسية هذه الصيغة فيما جاء على وزن فاعلة اسماً أو صفة ([99]). واستعمل الشاعر البناء (مَفاعل) في جمع مفردات، مثل: مَعهد ومَذهب ومَنقبة ومَدرسة ومنزل ومَضجع، إذا جمعها على المعاهد والمذاهب ومناقب ومدارس ومنازل ومضاجع([100]). ويذكر الصرفيون أن القالب (مفاعل) يطّرد في جمع ما كان على ثلاثة أحرف أصول، وأوله ميم زائدة([101]). وجاء في التائية أيضاً البناء (مفاعيل) جمعاً لصيغة المبالغة (مفعال)، فجمع مطعام ومغوار على مطاعيم ومغاوير([102])، وهذان الجمعان قياسان؛ لأن مفرديهما على ثلاثة أحرف، ومبدوءين بميم زائدة، وقيل آخرهما حركة طويلة ([103]). ومن المفيد أن نشير إلى أن الشاعر ضمن قصيدته مفردات جمعت كل منها على صيغة من صيغ منتهى الجموع، وجاءت على غير القياس، إذ جمع (أسير) على وزن (فعالى)، فقال: أُسارى([104])، وهذا الجمع مما يحفظ ولايقاس؛عليه لأن مفرده صفة وزن فعيل ([105]). وجمع أيضاً رزية على رزايا ([106])، وهذا الجمع كذلك مما يسمع ولا يقاس عليه ([107])، ولكن الشيخ مصطفى الغلاييني عد جمع رزية على البناء (فعالى) مما يقاس عليه ([108])، كما جمع ليلة على وزن (فعالي)؛ إذ جعل جمعها على ليالٍ ([109])، والقياس أن صيغة (فَعالي) تأتي جمعاً لما كان على وزن (فعلاة) ([110]).
جمع الجمع
هو جمع سماعي، فما ورد منه يحفظ ولا يقاس عليه، وهذا رأي سيبويه (ت 180هـ) وجمهور الصرفيين([111])، وذهب المبرد (ت 285هـ) والرماني (ت 386هـ) وغيرهما الى قياس ذلك، وهو رأي رفضه أبو حيان الأندلسي (ت 740هـ)، ورجح رأي سيبويه؛ لقلة ما حكي في هذا الباب([112]). والغاية من جمع الجمع الدلالة على المزيد من الكثرة والمبالغة؛ لأن الجمع وحده قد يكون مألوفاً؛ لكثرة استعماله في اللغة، بحيث يعجز عن نقل ما يريده المتكلم من الدلالة على الكثرة([113])، وما جمع من ذلك شبهوا لفظ الجمع منه بالواحد([114]).
وقد جاء في تائية دعبل مظهران من مظاهر جمع الجمع، أحدهما: جمع الاسم المجموع جمع كثرة بألف وتاء، نحو: الطرقات والفَجرات([115])، جمع طرق وفَجرة، وطرق جميع طريق، وفَجرة جمع فاجر. والآخر جمع الاسم المجموع جمع قلة على صيغة من صيغ منتهى الجموع، مثل أفانين ([116])، جمع أفنان، وأفنان جمع فن.
اسم الجمع، واسم الجنس الجمعي:
تضمنت تائية دعبل كلمات تدل على معنى الجمعية، ولكنها جاءت مخالفة للقواعد المقررة في جمعي التصحيح والتكسير. ومن بين هذه الكلمات ما اصطلح عليها: اسم الجمع، ومنها ما يقال لها: اسم الجنس الجمعي.
والمقصود باسم الجمع هو مادل على معنى الجمع، ولكنه جاء على صيغة لفظية تخالف صيغ جمع التكسير([117]). ويمكن تقسيم امثلة اسم الجمع في تائية دعبل على قسمين:
1ـ ما لا واحد له من لفظه، وإنما واحده من معناه، نحو: الناس والرهط وقوم وأهل وعصبة وخيل ([118]).
2ـ ما له مفرد من لفظه، ولكنه إذا عطف على مفرده مثلان أو أكثر كان معنى المعطوفات مخالفاً لمعنى اللفظ الدال على الكثرة، نحو: تيم وعدي([119]). (فتيم مفره تيمي، فإن قيل: تيمي وتيمي وتيمي كان معنى المعطوفات جماعة منسوية الى قبيلة تيم، وهو معنى يختلف اختلافاً واسعاً عن معنى قبيلة تيم، وما قبل في تيم يقال في عدي الذي مفرده عدوي) ([120]). ويجوز أن يعامل اسم الجمع معاملة الجمع معاملة المفرد من حيث اللفظ، ومعاملة الجمع من حيث، المعنى، فيقال: مثلاً: القوم سار أو ساروا، وكذلك يحق لنا تثنيته وجمعه، فنقول مثلاً: رهطان وأراهط ([121]). واما اسم الجنس الجمعي فهو ما تضمن معنى الجمع دالاً على الجنس، وعلامته أن واحده يختلف عنه بزيادة التاء المربوطة أو بزيادة ياء النسب ([122])، ومن أمثلته في قصيدة دعبل: آي جمع آية، والقنا جمع قناة وجمر جمع جمرة ([123]). ويلاحظ هنا أن الشاعر قد فرق اسم الجنس الجمعي عن مفرده بالتاء، وذلك هو الغالب في هذا النوع من الجمع ([124]). ويمتاز هذا النوع من الجمع بوجوده صيغة للمفرد وأخرى للجمع، ومع ذلك لا تعد الصيغ الدالة على هذا الجمع من جموع التكسير؛ لأنه لم يطرد فيهما وزن من أوزانه ([125]).
المبحث الثاني: ظاهرة الاعلال
لاشك في أن جهود الصرفيين العرب القدامى في ظاهر الاعلال تستحق الاجلال والثناء؛ إذ إنهم أضاؤوا لنا الطريق وعبدوه، ورسموا لنا بفضل جهودهم الخطوط العريضة لدراسة هذا الموضوع الشائك وفق النظرة اللغوية الحديثة. ولكن عمل القدماء في هذا الباب قد شابه خلط كثير، أوقعهم في كثير من الأوهام؛ فيجد المتتبع المؤلفات القديمة التي عالجت هذا الموضوع أن علماء العرب كانوا يخلطون بينه وبين الأبدال، فعندهم أن الإعلال جزء من الإبدال، وأن الإبدال يمكن أن يحدث في أي حرف من حروف الهجاء ([126]). وليس بنا حاجة الى القول: إن الإعلال شيء، والإبدال شيء آخر؛ ذلك أن التغيرات التي تحصل في الاعلال غير التغييرات التي تحدث في الابدال، فالاعلال: تغييرٌ يحص في أصوات العلة، في حين أن الابدال تغيير يحصل بين الأصوات الصامتة بشرط وجود علاقة الأتحاد أو التقارب بين الصوت المبدل والصوت المبدل منه، فضلاً عن ذلك أن ((معظم الاعلال يخضع للقياس، أي يسير على قواعد ثابتة ... وأما الابدال فلا يخضع في أغلبه للقياس، إنما يعود أمره الى السماع)) ([127]). ومع أن الهمزة لاصلة لها بالحركات الطويلة وأصوات العلة من حيث المخارج والصفات([128])، فإن القدماء قد ربطوا بينها وبين الحركات الطويلة وأصوات العلة في دراسة الاعلال، فنظروا الى الاعلال على أنه تغيير يحصل في أصوات العلة أو الهمزة ([129]). وفي هذه دلالة واضحة على أنهم ما كانوا يدركون الفرق بين الهمزة والألف من الناحية النطقية، وإن كان من الباحثين المحدثين من يرى غير ذلك([130]). وبين أيدينا شواهد كثيرة تؤيد ما ذهبنا إليه، فسيبويه([131]) مثلاً سمى همزة (أفكلٍ وأيدعٍ وأولقٍ) ألفاً، وجعل الهمزة والألف من مخرج واحد، وكان الفراء (ت 207هـ) ([132]) يرى أن الهمزة والألف إسمان لشيء واحد، وأنهما متسويان في الدلالة ومترادفان، ثم إن كثيراً منهم كان يطلق على همزة الإستفهام اسم ألف الإستفهام([133]). وأما المحدثون فقد فرقوا بين الهمزة والألف؛ لأن الهزة عندهم صوت شديد أنفجاري، لا هو بالمجهور ولا بالمهموس، مخرجه من فتحة المزمار ([134])، في حين أن الألف عندهم صوت صائت طويل مجهور، مخرجه من وسط اللسان([135])، ولقد أدى تأثر القدماء بالخط العربي الى الوهم ببعض خواص الأصوات الصائتة، فتصوروا أن الحركات الطويلة: الألف والياء المدية والواو المدية حروف ساكنة مسبوقة بحركات من جنسها، وهذا القصور الذي لا يرتضيه علم اللغة الحديث هو منبع ضلالات ومشكلات كثيرة وقعت في الدرس اللغوي القديم ([136])، يمكن تلخيص ما يتصل منها في موضوع الاعلال بالمسائل الآتية:
1ـ جعلوا الاعلال على ثلاثة أشكال: إعلال بالحذف، وإعلال بالنقل، وإعلال بالقلب([137])، وتناسوا نوعين آخرين من الإعلال، يمكن أن نسمي أحدهما: الاعلال بتقصير صوت المد، ونسمي الآخر: الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صوت مد.
2ـ أدخلوا في باب الاعلال بالحذف ماليس منه ([138])، مثل: الفعل المضارع المعتل الآخر المجزوم الذي لم يتصل به شيء، نحو: لم يخش، ولم يدع، ولم يرم. والفعل الأمر المعتل الآخر المسند الى المفرد المذكر، مثل: أخش، وارم، وادع.
والاسماء المنونة المقصوره والمنقوصة، مثل: هدى، وقاض. والفعل الماضي المعتل الآخر المسندالى تاء التانيث نحو: رمت. والفعل الامر المشتق من مضارع مأخوذ من ماضٍ ثلاثي أجوف نحو: قم وخف وبع. والفعل الصحيح المسند الى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، ودخلت عليه نون التوكيد، نحو لتسمَعُن وأفهمن ولتسمِعِن وافهمِن. والفعل المضارع المرفوع المعتل الآخر بالألف المسند الى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، ودخلت علية نون التوكيد، نحو: هل يخشون، وهل يخشين. والفعل المعتل الآخر بالواو أو الياء المرفوع والمجزوم المسند الى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، ودخلت عليه نون التوكيد، نحو: هل يمضُنّ وهل يدعُنّ وليمضُنّ وليدعُنّ وادعن وامضن وهل يمضِنّ، وهل يدعِنّ وليمضِنّ وليدعِنّ وادعِنّ وامضِنّ.
والمضارع المأخوذ من ماضٍ أجوف ثلاثي، عينه صوت مد، مسند الى نون النسوة نحو: يقمن، ويخفن، ويبعن. والفعل المعتل الآخر بالألف المسند الى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، نحو رموا، ويسعون، ويسعين. فهذه المواضع لا يصح أن تدرس تحت عنوان (الإعلال بالحذف)، وإنما يمكن أن تدرس تحت عنوان: (الإعلال بتقصير صوت المد).
3ـ عالج القدماء في باب الاعلال بالنقل أو التسكين مسائل كثيرة ([139])، وكان الأولى بهم أن يتناولوها موزعة على قسمين آخرين من أقسام الاعلال، فيدرسون مثلاً تحت عنوان الاعلال بالحذف المضارع المأخوذ من ماضٍ أجوف، نحو: يزور ويسير، وما يشبه الفعل المضارع من الاسماء المأخوذه من ماضٍ اجوف، نحو مقام ومعاش ومعونة ومبيت ومعيشة، والمصادر التي على زنة إفعال واستفعال، المأخوذة من الأفعال الماضيه الجوفاء التي على وزن (أفعل واستفعل) نحو إقامة واستهانة من الفعلين: أقام واستهان، كذلك اسم المفعول المأخوذ من ماضٍ اجوف نحو مقول ومبيع ومذاب ومستعان، والفعل الماضي الاجوف الذي على وزن (أفعل واستفعل) نحو: أعاد واستقام، واسم الفاعل المأخوذ من ماضٍ اجوف نحو مستفيد ومنير، والمضارع المجزوم الاجوف، نحو: لم يقل ولم يبع. ويعالجوا التغييرات في نحو: يدعو ويقضي، أن كان مرفوعين تحت عنوان الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صائت مركب (صائت طويل)، ومثل ذلك يقال في الاسماء المنقوصة، نحو الغازي والداعي في حالتي الرفع والجر.
4ـ ذهبوا الى أن في مثل: قام وباع ودعى ورمى وميزان وموسر إعلال بالقلب ([140])، وليس الأمر كما قالوا، ذلك أن (قام) أصلها (قَوَم)، ثم سقطت الواو، وأتحدت فتحتها مع فتحة القاف، فصارت (قام)، وهذا التفسير ينطبق على باع ودعو ورمى التي أصلها بَيَعَ ودَعَوَ ورَمَيَ ([141]). وأما ميزان فأصلها مِوْزان، فحذفت الواو وأشبعت كسرة الميم، فصارت ميزان، ومثل ذلك يقال في موسر التي أصلها مُيسر، فسقطت الياء، وأشبعت ضمة الميم، فصارت: موسر([142]). هذه جملة من الأوهام التي وقع بها العرب القدامى، سجلناها هنا مستفيدين من معطيات علم اللغة الحديث، والنتائج التي توصل إليها من دراسة أصوات المد وسلوكها في النظام المقطعي، فضلاً عن الفائدة من الدراسة الرائدة التي قام بها الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه (المنهج الصوتي للبنية العربية) محاولين تطبيق ذلك على دراسة مفهوم الاعلال وأشكاله في تائية دعبل.
مفهوم الاعلال وفائدته
في ضوء المنهج الذي اتبعناه يمكن تعريف الاعلال بأنه تطور يحصل في أصوات العلة الثلاثة: الواو والياء والألف، سواء أكانت هذه الأصوات على هيأة حركات طويلة أم أنصاف أصوات المد. ويتمثل هذا التطور بسقوط صوت العلة، أو تقصيره، أو نقل حركته، أو قلبه الى صوت علة آخر، أو تحويله هو و الصائت القصير الذي قبله الى حركة طويلة إن كان صوت العلة في الكلمة أحد أنصاف أصوات المد.
ومن هذا التعريف نلاحظ أن الاعلال في العربية يأتي على خمسة أقسام، هي: الإعلال بالحذف، والاعلال بتقصير صوت المد، والإعلال بالنقل، والاعلال بالقلب، والاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صوت مد. وأما التبدلات التي تتعرض لها الهمزة، فلا يقال لها: إعلال، بل تسمى تخفيفاً، وتخفيفها يكون بحذفها أو قلبها الى صوت من أصوات العلة([143]). وليس من الإعلال أيضاً قيام الهمزة مقام أحد أصوات العلة: أصوات المد وأنصاف أصوات المد، لأن هذا التغيير يخضع لجملة من العوامل التي تتصل بخصائص النطق العربي، فالنطق بالهمزة مثلاً هو صورة من صور النبر أو المبالغة، أي أنه دليل على وظيفة، ثم إنه وسيلة للهروب من النطق بمقاطع مفتوحة متوالية. وكان الدكتور عبد الصبور شاهين قد فصل القول في هذه الاحداث الصوتية التي تتميز بها العربية، فلا داعي لإعادة الكلام هنا([144]). والإعلال ظاهرة صوتية تخضع لقوانين وقواعد دقيقة، والهدف من ورائها تحقيق التجانس الصوتي بين أصوات الكلمة الواحدة، إذ اعتاد المتكلم العربي أن يقول مثلاً: يقضي القاضي بالعدل، ولا يقول: يقضيُ القاضيُ، فيحول نصف المد والصائت القصير الى صوت مد؛ تخفيفاً من ثقل الرفع على اللسان، وكذلك اعتاد أن يجعل واو المد ياء كلما اجتمعت هي والياء في كلمة واحدة، فيقول: مرمي ومقضي، ولا يقول: مرمومي ولا مقضوي([145]). وحين لاحظ هذا المتكلم أن من الصعب لفظ الواو الساكنة بعد الكسرة في مثل: مِوزان و مِوعاد، غيّر فيهما ما يمكن تغيره، فقال: ميزان وميعاد([146]). وحين عسر عليه الانتقال من الياء المفتوحة إلى الواو، ثم من الواو إلى الكسرة في نحو: يَوْرث ويَوْعد، حذف واو كل منهما: فقال: يرث ويعد([147]).
وللاعلال فائدة أخرى، هي تجنب النطق بالمقطع المديد المقفل بصــامت.(ص+ حركة طويلة + ص)؛ لسبب صوتي ظاهر، يرتبط بخواص التركيب المقطعي في العربية الفصحى، إذ تبين بالبحث والإستقصاء أن لا وجود لهذا المقطع في العربية في حال الوصول إلا في الحالة التي يكون فيها الصامت الأخير من هذا المقطع مدغماً في مثله ([148])، أو على حد تفسير الدكتور رمضان عبد التواب: ((أن يكون المقطع التالي له مبتدئاً بصامت يماثل الصامت الذي ختم هو به)) ([149])، نحو المقطع (ضال) من الكلمة (الضالين)، وهذه هي الحالة أطلق عليها القدامى: التقاء الساكنين على حدهما ([150]). ومعنى ذلك أن العربي يستثقل النطق بهذا المقطع، فيحاول التخلص منه بأحدى الوسائل المتاحة في لغته، ومن هذه الوسائل: تحويل الصائت الطويل الى صائت قصير في الفعل المضارع المعتل الأجوف عند حزمه، فيقول: لم يخفْ ولم يبعْ بدلاً من لم يخاف ولم يبيع، ومثل ذلك يقال في الفعل الماضي المعتل الأخر عند اسناده الى تاء التأنيث الساكنه، فيقال مثلاً في دعا وقضى: دعت، وقضت بدلاً من دعات وقضات ([151])، ومن هنا ينشأ في العربية ما يمكن أن نسميه الاعلال بتقصير صوت المد. وعلى الرغم من معرفة بعض اللغويين الأقدمين من أمثال: ابن الدهان (ت 592 هـ) بموضوع المقاطع، فإنهم لم يتجهوا الى العناية به([152]). كأنهم لم يجدوا حاجة الى ذلك، وكيف يجدون حاجة الى المقاطع وهم يظنون أن الحركات الطويلة أصوات ساكنة مسبوقة بحركات من جنسها؟ ولهذا السبب ـ إذا ورد النوع الرابع من المقاطع في كلمة. كانوا يعبرون عن تقصير الحركة الطويلة فيه بـ (حذف حرف المد لالتقاء الساكنين)، ويفسرون تحريك الصامت الأخير فيه، مثل تحريك النون في الأفعال الخمسة بعلة التقاء الساكنين([153]).
نماذج الإعلال في تائية دعبل أولاًـ الإعلال بالحذف
الاعلال بالحذف: معناه سقوط أحد أصوات العلة الثلاثة: الألف أو الياء أو الواو من الكلمة، والقياسي منه يجري وفق ضوابط وقواعد صرفية معينة([154]). وقد تضمنت تائية دعبل ثلاث نماذج من الاعلال بالحذف، هي:
1ـ حذف بلا اتحاد ولا إشباع: جاء على هذه الصورة في قصيدة دعبل الفعلان (قِفا) و (تُوفوا) ([155]). والأصل في قِفا: إوْقِفا، وهي صورة ثقيلة، وسبب ثقلها كسرة عين الفعل(القاف)([156])، ومعنى هذا أن الواو في (إوْقِفا) حذفت؛ بسبب صعوبة إنتقال اللسان من الواو الى الكسرة. وحين حذفت الواو في الأمر، حذفت معها همزة الوصل؛ إذ لم يبقَ مسوغ لوجودها، لعلمنا أن الهدف من زيادة همزة الوصل في أول الفعل (إوْقِفا) هو تجنب تكوين مقطع في أول الفعل، يتتابع فيه صوتان صامتان: (صامت + صامت + حركة)، وهذا المقطع لا وجود له في الكلمات العربية، فتأتي همزة الوصل في (إوْقِفا) لتصحيح المقطع، فيصبح الفعل مكوناً من مقطع من النوع الثالث ومقطع من النوع الأول ومقطع من النوع الثاني، وهي مقاطع شائعة شيوعاً قويا في الكلام العربي([157]).
وحذف الواو قياسي، ويحصل في كل فعل مضارع أو أمر، إذا كان معلوماً، معتل الفاء، بشرط أن يكون الماضي ثلاثياً مجرداً سواء كان مفتوح العين أم مكسوراً، ومضارعه العين([158]). أما الفعل (تُوفوا) فقد كان قبل الاسناد (تُوِفّيَ)، أي ينتهي بمقطعين قصيرين، الأخير منهما صوت مزدوج صاعد، وحين اتصل بالضمير الصائت: واو الجماعة، سقط المزدوج (يَ)، وسقط معه الصائت الذي قبله (كسرة الفاء)، وتحركت، عين الفعل بضمير الجماعة الحركي([159]). وهذا الحذف قياسي أيضاً، ويحصل في كل ماض آخره واو أو ياء، وأسند إلى واو الجماعة، كما يحصل في المضارع الذي آخره واو أو ياء عند اسناده إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة، نحو: يغزونَ، وتغزينَ، ويرمونَ، وترمينَ ([160]).
2ـ حذف مع اشباع: ثمة أفعال مضارعة واسماء معتلة العين في التائية شكل فيها نصف المد (الياء) مع حركة جنسه، ونصف المد (الواو) مع حركة من جنسه أو مع الصوت المتسع: الفتحة صوتاً مركباً صاعداً، نحو: يبيت، وتضيء، ويميل([161]) التي أصلها يبيت وتضيء ويميل، ونحو: مصونة، ويقول وأءوب ([162]) التي أصلها مصْوّنة ويَقْوُل واْءْوُب وكذلك أخاف ومخافة ومحالة ([163])، وأصلها: وأخْوَف ومَخافة ومَحْوَلة.
ويلاحظ أن ما حدث في الصيغ الاصلية لهذه الافعال والاسماء هو حذف نصف المد: الياء أو الواو اللذين يمثلان قاعدة الصوت المركب الصاعد، والتعويض عن هذا المحذوف تعويضاً موقيعاً بأطالة الضمة أو الكسرة أو الفتحة اللواتي يمثلن قمم المقاطع المركبة الصاعدة([164])، ويمكن تفسير حذف قاعدة المركب الصاعد في هذه الامثلة في ضوء الملاحظات التي توصل إليها الاستاذ (هنري فليش) في دراسته (العربية الفصحى)؛ فقد ذهب هذا الباحث إلى أن العربية تكره النطق بالصوامت الضعيفة مع صوت من جنسها كالواو مع الضمة والياء مع الكسرة ([165]). وقد قاس الاستاذ هنري فليش حالة التقاء الواو مع الفتحة، كما في أخْوَف ومَحْوَلة - وهي حالة غير مكروهة في العربية - على الحالتين السابقتين، نعني حالة التقاء الواو مع الضمة، وحالة التقاء الياء مع الكسرة بوساطة ما أطلق عليه (القياس الموحد)؛ وذلك لتوحيد النموذج اللغوي ([166]) وجاء في القصيدة أيضاً إسمان شكل فيهما صوت الواو مع الكسرة السابقة لها صوتاً مركباً هابطاً، وهما: دِيار، ومِيراث ([167])، وأصلها: دِوار، ومِوْراث، فسقطت واو كل منهما، وعوض عن هذا السقوط بإشباع الحركة السابقة لها ([168]). ويرى الاستاذ (جان كانتينيو) أن (دِوار) تصبح ديار في خطوة واحدة، وهي قلب الواو إلى الياء، ولا شيء آخر يحدث غير ذلك؛ لأنها متبوعة بحركة، وأما تحول نحو: مِوراث إلى ميراث فيحدث في خطوتين، هما قلب الواو الساكنة إلى ياء ساكنة، ثم إتحاد هذه الياء مع الكسرة، فتكون حركة طويلة ([169])، كما هو موضح في المخطط التالي:
مِوْراث ← مِيراث ← ميراث
ويذهب الدكتور رمضان عبد التواب الى تفسير أخر في تحول نحو: مِوراث الى ميراث، فيرى أن الواو الساكنة تأثرت بالكسرة القصيرة قبلها، فتحولت الى كسرة مماثلة، واتحدت هذه الكسرة مع الكسرة المؤثرة، فأدى الى تكوين كسرة طويلة ([170]). وقد درس الصرفيون العرب القدماء امثلة هذه الصورة تحت عنوان: الاعلال بنقل الحركة من صوت العلة الى الحرف الصحيح الساكن قبله ([171]) إلا ميراث وديار، إذ عالجوهما في باب الاعلال بالقلب، وذهبوا الى إن الواو في (موراث) قلبت ياء لسكونها وإنكسار ما قبلها، والواو في (دوار) قلبت ياء، لأنها وقعت عيناً لجمع تكسير، صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهي معلة في مفرده ([172]).
3ـ حذف مع إتحاد حركتين: جاءت أمثلة هذه الصورة في قصيدة دعبل في جملة من الافعال الجوفاء التي عينها واو، نحو: لاح ومات وازدار، وناح ([173])، التي أصلها لوح وموت وازدور ونوح، وتلك التي عينها ياء نحو: هاج ونال وحان وضاق ([174])، التي أصلها هيج ونيل وحين وضيق. وكذلك وردت في بعض الافعال المعتلة الآخر، نحو: غدا وألقى([175])، وأصلهما غدو، وألقي. وقد أدخل القدماء هذه الامثلة تحت عنوان الاعلال بقلب الواو والياء الفاً([176])، وعلل ابن جني هذا القلب بأنه لما ((إجتمعت ثلاثة أشياء متجانسة، وهي الفتحة، والواو أو الياء، وحركة الواو والياء، كرة اجتماع ثلاثة اشياء متقاربة، فهربوا من الواو والياء الى لفظ تؤمن فيه الحركة، وهو الالف، وسوغها أيضاً إنفتاح ما قبلها)) ([177])، وهذا الراي لم يلق القبول عند اللغويين المحدثين الذين درسوا اللغة العربية دراسة حديثة ([178]). ومما يلاحظ على امثلة هذا المظهر من الاعلال بالحذف شيئان،
أحدهما: أن المقطع الذي قبل الاخير في الصيغ الاصلية لها يتكون من نصف الصائت: الواو أو الياء مع حركة قصيرة هي الفتحة. ونصف المد هنا يمثل طرف المقطع، أما الفتحة فتمثل مركز المقطع. والشيء الآخر: أن نصف المد الواو أو الياء كلاهما وقع بين حركتين قصيرتين، ولهذا يرى اللغويون المحدثون أن التفسير الصوتي لهذا الاعلال هو أن طرف المقطع: الواو أو الياء قد حذف، فبقي مركزه بدون طرف، فاتحد مع مركز المقطع السابق له، فشكلا فتحة طويلة ([179])، ويجوز على رأي الدكتور حسام النعيمي – أن يكون الصوت المركب الصاعد (وَ) أو (يَ) قد حذف، ثم مطلت حركة المقطع السابق للصوت المركب، فتكونت فتحة طويلة([180]).
ثانياًـ الاعلال بتقصير صوت المد
يمكن تعريف هذا النوع من الاعلال بانه تبدل يصيب بنية الكلمة العربية، ويتم عن طريق تحويل الصائت الطويل الى صائت قصير؛ لضرورة تقتضيها طبيعة النظام المقطعي في العربية؛ وذلك بأن يجتمع مثلاً في أخر الكلمة حين الوصل مقطع مديد مقفل بصامت، أي (صامت + حركة طويلة + صامت). وفي هذه الحال يحصل تصادم بين وضع الكلمة الاصلي وطبيعة النظام المقطعي في اللغة، يودي في النهاية. تعديل الصيغة الاصلية للكلمة إستجابة لطبيعة هذا النظام([181]). وهذا النوع من المقاطع غير مقبول في العربية إلا في أواخر الكلمات وحين الوقف([182])، على أن هناك كلمات قليلة في اللغة العربية، جاء فيها هذا المقطع في غير أواخر الكلمات، وتكاد هذه المسألة تنحصر في اسم الفاعل المشتق من الفعل الثلاثي المضعف، مثل الضالين والحاقة([183]). ويأتي كذلك في الكلمات التي على وزن (افعالّ)، نحو: إحمار واصفار([184])، وفيي الفعل المضارع المسند الى ألف الاثنين، وقد أكد بنون التوكيد الثقيلة نحو: ينصرانِّ، وإنما أبقت اللغة هذا الشكل المقطعي في هذا الموضع مخافة الالتباس بحالة توكيد الفعل المسند الى المفرد ([185]). وماعدا ذلك فان الذوق العربي والسياق اللغوي يأبى النطق بهذا المقطع، بل إن المتكلم العربي يحاول التخلص منه حتى في الحالات المسموح بها عند أمن اللبس([186]). ويتمثل الاعلال بتقصير صوت المد في تائية دعبل في الفعل الماضي المعتل الآخر المسند إلى تاء التأنيث، مثل: أدت وأرتْنا، وسقتني ([187])، وأصلها: أدات وأراتنا وسقاتني. ويتمثل كذلك في الأفعال المضارعة الجوفاء التي عينها ألف أو واو، ودخلت عليها أداة جزم، مثل: لم تنل، ولم تكن، ولم تزره([188])، والقياس يقضي أن تقول: لم تنال، ولم تكون، ولم تزوره. ويمكن أن نلاحظ هذا النوع من الاعلال كذلك في التائية في فعل الأمر المأخوذ من المضارع الأجوف، نحو: زد ([189])، وأصلها زيد، وكذلك في الاسماء المنقوصة والمقصورة عند التنوين، نحو: ماض وآت، وهوىً وهدىً وجوىً ([190])، وأصلها على التوالي: ماضين واتين وهوان وهدان وجوان. والنون هنا هي نون التنوين التي تكتب ولا تلفظ، وهي نون ساكنة، فقصروا الياء في المنقوص، والألف في المقصور، فصارت: ماضن واتن وهون وهدن وجون، ثم استغنوا عن نون التنوين بدلالة تكرار الحركة، وردوا الألف الى المقصور، ليتمكنوا من الوقف عليه ([191]). ويلاحظ أن الصيغ المفترضة للأمثلة المتقدمة قد تكون فيها مقطع من النوع الرابع، وهذا الشكل المقطعي غير مسموح فيه في نهاية الكلمات العربية في حال الوصل، فاختصروه وصلاً ووقفاً الى مقطع من النوع الثالث عن طريق تحويل الصائت الطويل فيها الى صائت قصير([192]). ولاشك في أن وجود النوع الرابع من المقاطع في الكلمات العربية ليس السبب الوحيد لحدوث الاعلال بتقصير صوت المد، فهذا النوع من الاعلال يظهر أيضا ًفي حالة التقاء صوتين صائتين طويلين داخل السياق ([193])، ويتمثل ذلك في تائية دعبل في إتصال الفعل الماضي المعتل المعتل الآخر بالألف اللاحقة: واو الجماعة نحو: أتَوْا وغطّوا ([194])، والاصل فيهما: أتاوا وغطّاوا. وما حصل في هذين الفعلين هو: تحول الصائت الطويل (الألف) الى فتحة قصيرة، وتحول اللاحقة: واو الجماعةـ وهي صائت طويل أيضاًـ الى نصف مد ([195]). وكذلك يأتي هذا النوع من الاعلال في العربية بسبب عامل الجزم في الفعل المضارع المعتل الآخر. ويتجلى ذلك في قصيدة دعبل بالفعلين. ألم تَرَ، ولم تَعْفُ ([196])، والاصل فيهما قبل دخول أداة الجزم عليهما: ترى وتعفو، وحين دخلت عليهما هذه الأداة قصرت الالف في (ترى) الى فتحة قصيرة، والواو في (تعفو) الى ضمة قصيرة. وهذا يتطلب منا إعادة النظر في إعراب مثل هذيين الفعليين، فنقول: إنهما مجزومان، وعلامة جزمهما تقصير صوت المد لا حذف صوت المد. ويمكن أن يحصل هذا النوع من الاعلال بسبب عامل البناء في فعل الأمر المشتق من مضارع معتل الآخر، ويتمثل ذلك في التائية بالفعل: بكّهم ([197])، من بكّى يبكّي. ومعنى ذلك أن الفعل (بكّ) مبني على تقصير الصائت الطويل لا على حذف الصائت الطويل. يتضح مما تقدم أن تقصير صوت المد، بسبب عاملي الجزم والبناء يشير الى أن العربية قد استعملت حالة التقصر إستعمالاً نحوياً، وهذا الاستعمال يماثل تماماً حذف الحركة الاعرابية في الافعال المضارعة الصحيحة الآخر، إذا دخلت عليها أداة جزم، وكذلك يماثل في حالة إسكان آخر الأمر المشتق من مضارع صحيح الآخر. ويرى الدكتور غالب المطلبي أن هذا التقصير ليس له مايسوغه من الناحية الصوتية، وأنه حدث هنا مكانى على حالة التقصير في الافعال المضارعة الجوفاء المجزومة ([198]). لقد درس القدماء أمثلة هذا النوع من الاعلال في موضوع الاعلال بالحذف([199])، لاعتقادهم أن الحركات الطويلة (الواو والياء والألف) حروف ساكنة، مسبوقة بحركات من جنسها، فإذا جاء بعدها صامت غير مدغم أوغير متحرك فلابد أن تحذف لالتقاء الساكنين. وقد وقعوا في هذا الوهم بسبب الخط العربي الذي يرمز للحركات الطويلة برموز في داخل بنية الكلمة، بعكس الحركات القصيرة التي توضع رموزها في الخط فوق الحرف أو تحتة ([200]). ولقد كان ابن جني اكثر اللغويين القدامى وعياً وإدراكاً لطبيعة الحركات الطويلة وخصائصها وعلاقتها بالحركات القصير، فقد قال: ((فالفتحة بعض الألف، والكسرة بعض الياء، والضمة بعض الواو)) ([201])، ومعنى ذلك أن الألف تساوي فتحتين قصيرتين، والياء تساوي كسرتين قصيرتين، والواو تساوي ضمتين قصيرتين، وفي هذه أشارة الى أنه لا فرق بين الألف والفتحة، والياء والكسرة، والواو والضمة إلا في الكمية الصوتية. ولكن ابن جني لم يحاول الافادة من هذه الملاحظة القيمة، فلم يطبقها في دراساته اللغوية.
ثالثاً ـ الاعلال بالنقل
ذكر الصرفيون العرب القدماء، وكذلك الذين كتبوا في الصرف، ممن سار على نهج القدماء من المعاصرين عدداًغير قليل من المواضع التي درسوها في باب الاعلال بالنقل([202]). وقد حصر بعضهم هذه المواضع في اربع ([203])صور، وهي:
1 ـ نقل من غير قلب ولاحذف، نحو: يصوم ومعونة ويبيع ومستفيد، واصلها: يصوم ومعونة ويبيع ومستفيد.
2ـ نقل مع قلب، مثل: استقام ومذاب ومعاش ومستمال واميل، واصلها: استقوم ومذوب ومعيش ومستميل واميل.
3ـ نقل مع حذف، نحو: لم يقم، ولم يستعن، ولم يخف، واصلها قبل دخول اداة الجزم: يقوم ويستعين ويخاف. وجعلوا من هذه الصورة ايضاً اسم المفعول المشتق من الثلاثي الاجوف، مثل مقول ومبيع.
4ـ نقل مع قلب وحذف: ومثلوا لهذه الصورة بالمصادر التي على زنة افعال واستفعال، المشتقة من الافعال الماضية غير الثلاثية التي عينها اصلها واو او ياء، نحو: اعادة وابانة واستقامة واستضافة، واصلها: اعواد وابيان واستقوام واستضياف. ونحن نظن ان الاعلال بالنقل لاياتي في العربية الافي ثلاثة مواطن، هي:
ا ـ في حال اسناد الفعل الماضي المعتل الى احد ضمائر الرفع، نحو:
خفت وطلت، واصلها خوفت وطولت، فنقلت كسرة الواو الى الخاء في (خوفت)، وضمة الواو الى الطاء في (طولت)،وحذفت الواوفي الفعلين ([204]).
ب ـ في الفعل الماضي المضعف المكسور العين في الاصل، نحو: ظل ومل عند اسناده الى احد ضمائر الرفع، في وجه من وجوهه الثلاثة، وهوحذف عين الفعل، ونقل حركتها الى الفاء، تقول ظلت وملت، وهذه لهجة اهل الحجاز ([205]). ولهجة اكثر العرب ابقاء هذا الفعل على حاله، فلا يفعلون فيه شياً سوى فك الادغام، فيقولون: مللت وظللت، واما في لهجة بني عامر فتحذف عين الفعل، وتبقى حركة الفاء على حالها. فنقول ظلت وملت([206]).
ج ـ في الفعل الماضي الاجوف عند بنائه للمجهول، نحو:قيل وبيع، واصلهما قول وبيع، فنقلت كسرة الواو الى القاف في (قول)، وكسرة الياء الى الباء في (بيع)، فاصبحا: قول وبيع، ثم حذفت الواو في (قول)، والباء في (بيع)، واشتقت كسرتا القاف والباء، فصارا: قيل وبيع.
ويرى القدماء ان ماحدث في (قيل) اعلال بالنقل مع القلب؛ اذ ذهبوا الى ان (قيل) اصلها (قول)، فنقلت كسرة الواو الى القاف، فصارت (قول)، ثم ابدلت الواو ياءً، فصارت: قيل ([207]). واما ماحصل في (بيع) ـ على رايهم ـ فاعلال بالنقل لاغير؛ فقد قالوا: ان (بيع) اصلها (بيع) فنقات حركة الياء الى الباء، فصارت: (بيع) ([208]) هذه هي مواضع الاعلال بالنقل ـ فيما نظن ـ في اللغة العربية. وقد لاحظنا ان ما حدث في الموضعين الاول والثاني نقل مع حذف، في حين أن ماحصل في الموضع الثالث: نقل وحذف مع اشباع.
واما المواضع الاخرى التي ادخلها القدماء في باب الاعلال بالنقل فلا علاقة لها في هذا الباب البتة، ويمكن دراسة اكثرها تحت عنوان الاعلال بالحذف، وامثلة الصورتين: الاولى والثانية حدث فيها اعلال بالحذف مع الاشباع، وامثلة الصورة الرابعة حصل فيها اعلال بالحذف مع التعويض([209]). وأما امثلة الصورة الثالثة، فيمكن تقسيمها على أربعة اقسام، قسم حصل فيه نقل مع حذف، كما راينا في قلت وبعت، وقسم حدث فيه اعلال بتقصير صوت المد ([210])، وقسم حدث فيه نقل وحذف واشباع كما في قيل وبيع، وقسم حدث فيه حذف مع اشباع، ويتمثل ذلك في نحو: مقول ومبيع، فنحن نرى ان اصلهما: مقول ومبيع، فحذفت الواو في (مقول)، والياء في (مبيع)، وعوض عن هذا الحذف تعويضاً موقعياً باطالة الضمة (في مقول)، والكسرة في(مبيع)، فصارا: مقول ومبيع. ومعنى ذلك ان صياغة اسم المفعول من الماضي الثلاثي الاجوف ـ في نظرنا - تتم باخذ مضارعه، وابدال حرف المضارع ميماً لاغير، وهذا هو رأي الدكتور عبدالله درويش ([211]). وللقدماء كلام كثير حول هذا الموضوع، ما يهمنا منه انهم ذهبوا إلى أن (مقول) و(مبيع) أصلهما: مقوول ومبيوع، وأن المحذوف فيهما هو الواو الزائدة، ومنهم من يرى ان المحذوف في (مقول)هو الواو الاولى، والمحذوف في (مبيع) هو الباء ([212]). وقد اخذ الدكتور عبد الصبور شاهين بهذا الراي الاخير، وذكر ان ما حصل في (مقول) اعلال بالحذف، وان ما حدث في (مبيع) اعلال بالحذف مع القلب ([213]). ويتمثل هذا النوع من الاعلال في ابيات التائية بالفعل الماضي الثلاثي المسند الى تاء الفاعل، نحو: خلت، وقلت ([214])، واصلهما: خيلت وقولت، وفي هذه المرحلة نرى وقوع الياء والواو بين صوتين صائتين: الياء بين الفتحة والكسرة في (خيلت)، والواو بين الفتحة والضمة في (قولت)، ولهذا نلاحظ في المرحلة الثانية ميل كل من الياء والواو الى الاختفاء، والغاء الصائت الذي قبل الياء او الواو (الفتحة)، وجعل حركة الياء او الواو مكانه ([215])، ويذكر الدارسون المحدثون ان سبب هذا الحذف هو ان العربية تكره الاحتفاظ بصوت مزدوج في مقطع مقفل، وبعبارة اخرى ان اللسان العربي يكره النطق بالصوامت الضعيفه: الياء والواو مع صوت من جنسها كالواو مع الضمة والياء مع الكسرة ([216]).
ثالثاً: الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف الصائت الى صائت مركب قبل ان نتحدث عن الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف الصائت الى صائت مركب لابد من القاء الضوء على مفهوم الصائت المركب، وموقف اللغويين المحدثين من وجوده وعدمه في العربية، ومواقع وجوده في الكلمات العربية.
مفهوم الصائت المركب
من المصطلحات الشائعة في الدراسات اللغوية الحديثة مايسمى بالصائت المركب، وهذا المصطلح يذكره اللغويون المحدثون عادة حين يتحدثون عن الاصوات الصائتة ويعنون به ذلك الصائت الذي يتكون من ارتباط صوتين، احدهما: صائت قصير، والاخر شبه صائت في مقطع واحد ([217])، وهذا الصوت في واقع الامر صوت انزلاقي؛ اذ ينتقل اللسان في اثناء النطق به من موضع نطق شبه الصائت الى موقع نطق الصائت القصير وبالعكس دفعة واحدة من النفس ([218]). وقد لاحظ اللغويون المحدثون ان احد طرفي الصائت المركب يكون عادة اشد بروزاً او جهارة من الطرف الاخر، فقسموه على قسمين ([219]).
اـ الصائت المركب الهابط او النازل: وفيه يكون الطرف الاول اكثر بروزا واشد جهارة من الطرف الثاني، وذلك حين يكون الصائت القصير سابقاً لشبه الصائت، ويمكن ان نلاحظ ذلك حين في كلمات، مثل: ليلة، وبيت، وعين، وقول، ويوم، وصوم. فالفتحة في هذه الكلمات سبقت الياء والواو الساكنتين، والفتحة صائت، فهي اوضح في السمع من شبهي الصائت: الياء والواو.
ب ـ الصائت المركب الصاعد او الطالع: وفيه يكون الطرف الثاني اوضح في السمع واكثر جهارة من الطرف الاول، وذلك حين ياتي الصائت القصير بعد شبه الصائت، كما في الكلمات: وعد، ويترك، ويسر، ومفاوز؛ اذ جاءت الفتحة في الكلمة الاولى بعد بعد الواو، وفي الكلمة الثانية بعد الياء، وجاءت الضمة بعد الياء في الكلمة الثالثة، واما الكسرة في الكلمة الرابعة فجاءت بعد الواو. ولاشك في ان الصائت القصير اوضح في السمع من شبه الصائت الياء او الواو .
موقف المحدثين من وجود الصائت المركب في العربية
انكر الدكتور كمال بشر وجود مايسمى الصوائت المركبة في العربية؛ فنفى ان تكون كل من الواو والياء في نحو: حوض وبيت جزءاً من صائت مركب، جزؤه الاخر هو الفتحة، و هما صوتان صامتان، وبين ان هذا الراي مبني على اساس الخواص النطقية والوظيفية لصوتي الفتحة والواو او الياء الساكنتين. فمن ناحية النطق ان الصفة الانزلاقية مفقوده في نطق الفتحة العربية متلوة بواو او ياء ساكنة؛ اذ يحدث في نطقها ان تنتقل اعضاء النطق من منطقة الى اخرى محدثة نوعاً من الانفصال في تحركها، فهما اذن صوتان مستقلان، احدهما: فتحة، والثاني: واو او ياء صامتة او نصف حركة، ومن ناحية الوظيفة تمثل كل من الفتحة والواو او الياء وحده مستقلة، وتنتمي الى جنس معين من الاصوات، فالفتحة تقوم بوظيفة الحركات، واما الواو و الياء فكلاهما يودي دور الصوت الصامت، ودليله على ذلك اننا نقول في جمع حوض وبيت: احواض وابيات، فتاتي بفتحة طويلة بعد الواو والياء، فلو ان التتابع بين الفتحة والواو او الياء يشكل صوتاً مركباً لما جاز مجي الالف مد بعدهما ([220]). وقد حذا الدكتور غانم قدوري الحمد حذو الدكتور كمال يشر، فذهب الى ان التتابع بين الفتحة والواو او الياء في نحو وعد وبيت لايشكل صوتاً مزدوجاً في العربية، مؤكدا رأيه بأن النظام المقطعي للكلمة العربية والبناء الصرفي لها يعاملان الواو والياء في هاتين الكلمتين وامثالها على انها صوتان صامتان([221]). وذهب عدد من اللغويين المحدثين الى ان وجود الصائت المركب حقيقة ثابتة في العربية، وكان على رأس هؤلاء: برتيل مالبرج ([222])، والدكتور عبد الصبور شاهين اللذين كانا اكثر الباحثين تحمساً لاثبات هذه الفكرة والدفاع عنها([223]). ومن الدارسين من ميز بين المستوى النطقي والمستوى اللغوي او الوظيفي، وهو الاستاذ جان كانتينيو، فأيد وجود الصائت المركب في العربية من الناحية النطقية، ولكنه انكر وجوده فيها من الناحية الوظيفية ([224])، واما نحن فنتخذ موقفاً وسطاً بين الرأيين الثاني والثالث، فنقول: ان الصائت المركب او الصوت المزدوج موجود في العربية من حيث المستوى النطقي، وهذا مما لاخلاف فيه بين اكثر اللغويين المحدثين. واما من حيث المستوى اللغوي او الوظيفي فنحن نظن ان ليس كل تتابع بين الصائت القصير وشبه الصائت يؤدي الى تشكيل صائت مركب او صوت مزدوج، وانما يعتمد ذلك على موقع هذا التتابع في الكلمات العربية، فضلاًعن نوع الصائت القصير فيها. ويمكننا هنا ان نحدد مواقع هذا التتابع في الكلمات العربية ونوع الصائت القصير؛ لنصل الى راي قاطع في هذه المسالة، وهو كالاتي:
1ـ تتابع بين الصائت القصير (الفتحةالقصيرة) وشبه الصائت الواو اوالياء في المقطع الاول من الكلمة، وهذا التتابع لايؤدي الى تكوين صائت، أي ان سواء كانت الفتحة تالية لشبهه الصائت ام متلوه بشبه صائت مركب هذا التتابع لايودي الى تكوين صائت طويل، بل لن الواو والياء في هذا الموقع يقومان مقام صوت صامت، وتستطيع ملاحظة هذا التتابع في كلمات مثل: لون، وليت، وولد، ويترك.
2 ـ تتابع بين الصائت القصير (الضمة القصيرة) وشبه الصائت: الياء في المقطع الاول من الكلمة، وهذا الانتقال من منطقة النطق بالضمة القصيرة الى منطقة النطق بشبه الصائت: الياء يودي الى حذف شبه الصائت: الياء، والتعويض عن هذا الحذف تعويضاً موقعياً باطالة الصائت القصير: الضمة القصيرة، كالذي نلاحظه في كلمتي موقن وموسر؛ اذ يرى الصرفيون ان اصلهما ميسر وميقن، ومثل ذلك يقال في حال اجتماع الصائت القصير(الكسر القصيرة) وشبة الصائت: الواو في المقطع الاول من الكلمة؛ اذ يؤدي الى حذف شبه الصائت:الواو، واطالة الكسرة القصيرة، نحو: ميعاد وميزان، واصلهما ـ كما يقول الصرفيون ـ موعاد وموزان. وتلك مسائل قد فصلنا فيها القول عند حديث عن موضوع الاعلال بالحذف
3 ـ تتابع بين الكسرة القصيرة ونصف الصائت: الواو، او تتابع بين الفتحة ونصفي الصائت الواو او الياء في مقطع، يقع، في وسط الكلمة، وهذا الانتقال من موضع نطق الصائت القصير الى موضع نطق شبه الصائت يحدث نوعاً من الانفصال بين الصوتين،فلا يشكل صوتاً مزدوجاً،سواء كان الصائت القصير سابقاً لشبه الصائت ام جاء بعده،ويمكننا ان نتلمس هذا النوع من التتابع في كلمة (مفاوز)،والفعل الماضي المعتل الاخر عند اسناده الى تاء المتكلم، مثل غزوت ومشيت، وكذلك الاسم المثنى في حالتي النصب والجر، نحو: مسلمين وكتابين . وقد اجتماع الصائت القصير وشبه الصائت: الواو او الياء في مقطع في وسط الكلمة الى حذف شبه الصائت واتحاد الصائت القصير مع الصائت الذي قبله، كما في قام، واصلها قوم، اوحذف شبه الصائت واشباع الصائت القصير، كالذي نلاحظه في يبيع، وأصلها يبيع. وهذه المسألة قد أشارت إليها في كلامي على الاعلال بالحذف.
4ـ تتابع بين الصائت القصير وشبه الصائت في المقطع الاخير من الكلمة، وفيه حالات اهمها :
اـ تتابع بين الفتحة القصيرة وشبه الصائت: الياء او الواو، وهذا التتابع لايودي الى تكوين الصوت المركب، بل يودي الى حذف شبه الصائت: الياء او الواو، وهذا التتابع لايودي الى تكوين الصوت المركب، بل يودي الى حذف شبه الصائت: الياء او الواو، واتحاد الفتحة القصيرة مع الفتحة القصيرة قبلها، فتصيران فتحة طويلة، ويلاحظ في الافعال الماضية المعتلة الاخر، نحو: رمى ودعا، واصلها رمي ودعو ([225]).
ب ـ تتابع بين الفتحة القصيرة وشبه الصائت: الواو، وهذا التتابع لا يشكل صوتاً مزدوجاً، ويمكن ان نلاحظ ذلك في الافعال الماضيه المتله الاخر في الالف، المستد الى واو الجماعة، نحو: سعوا ورصوا.
ج ـ تتابع بين الضمة القصيرة وشبه الصائت الواو او الياء، وهذا التتابع يودي الى تشكيل الصوت المركب، أي ان هذا التتابع ينشا عنه تغيير يمكن تسميته: الاعلال بتحويل الصائت القصير وشبه الصائت الى صائت مركب نازل اوصائت طويل، ويلاحظ ذلك في الافعال المضارعة المرفوعة المعتلة الاخر بالواو او الياء، نحو: تغزوا ويرمي، واصلها :تغزوا ويرمي، كما يلاحظ هذا التتابع في الاسماء المتقوصة المقترنة بال اوبالضافة في حال كونها مرفوعة، نحو كلمة: الداعي في قولنا: الداعي الى الحق منصور، واصلها الداعي .
د ـ تتابع بين الكسرة القصيرة وشبه الصائت: الياء، وهذا الانتقال من موضع النطق بالكسرة القصيرة الى موضع النطق بالياء يودي، تكوين الصوت المزدوج، ويحصل ذلك في الاسماء المنقوصة المعرفة بال او بالاظافة في حال كونها مجرورة، نحو كلمة (القاضي) في قولنا: (مررت بالقاضي)، واصلها القاضي. ومعنى ذلك ان هذا الانتقال ينتج عنه الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صائت مركب نازل او صائت طويل. مما سبق نستنتج ان ليس كل تتلبع بين الصائت القصير وشبه الصائت في العربية يودي الى تشكيل الصائت المركب او الصوت المزدوج، بل ان ذلك يعتمد على موقع هذا التتابع في الكلمات العربية ونوع الصائت فيها. وبعبارة اوضح ان الصائت المركب النازل موجود في العربية من الناحية الوضيفية، ولا وجود للصائت المركب من النوع الصاعد فيها، بيد ان وجود الصائت المركب من النوع النازل او الهابط فيها محدد بحدود ومقيد بقيود، فهو يحصل في الافعال المضارعة المعتلة بالواو والياء في حال كونها مرفوعة كما يحصل في الاسماء المنقوصة، اذا اقترنت بال او الاضافة في حال كونها مرفوعة او مجرورة .
مفهوم الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صائت مركب ومواضع وجوده في العربية يمكن تعريف هذا النوع من الاعلال بانه عملية ارتباط الصائت القصير: الضمة او الكسرة مع شبه الصائت الواو اوالياء الواقعين في نهاية الكلمة واتحادها وتحولها الى صائت طويل: واو او ياء، يشرط ان يكون ما بعد الواو ضمة قصيرة، ومابعد الياء ضمة قصيرة اوكسرة قصيرة. ومن هذا التعريف نستشف ان هذا الاعلال ياتي في صورتين: احدهما: تحويل الئاء الواقعة في نهاية الكلمة، والصائت القصير الذي قبلها الى ياء مد، اذا جاء بعدهما صوت مد ضيق امامي (كسرة قصيرة) او صوت مد ضيق خلفي (ضمة قصيرة)، نحو يهدي، واصلها يهدي، والجاني في حال الرفع واصلها، الجاني، والهادي في حال الجر، وأصلها الهادي. فحذفت الضمة من اخر (يهدي) و(الجاني) استثقالاً للضمة على الياء فيهما ([226])، ثم اتحدت كسرة الدال مع الياء في يهدي، وكسرة النون مع الياء في (الجاني)، فتحولت كل منهما الى ياء طويلة. و حذفت الكسرة من اخر الاسم المعتل (الهادي)؛ ايثارا لخفة في النطق ([227])، واتحدت كسرة الدال مع الياء، فصارت ياء طويلة. والصورة الاخرى: تحويل الواو الواقعة في نهاية الكلمة، والصائت القصير الذي قبلها الى صوت مد، اذاجاء بعدهما صوت مد ضيق خلفي (ضمة قصيرة) مثل يسموا، واصلها يسمو، فذهبت ضمة الواو؛ تحقيقاً للسهولة في النطق؛ اذان النطق بالواو المضمومة بعد ضمة يكون ثقيلاً ([228])، واتحدت ضمة الميم مع الواو، فتكونت واو طويلة. ويذكر بعض الصرفيين ان بعض العرب يعاملون الفعل المضارع المرفوع المعتل بالياء او الواو، وكذلك الاسم المنقوص المعرف بال او الاضافة معاملة الافعال والاسماء الصحيحة، فيحركون ياء (الرامي) رفعاً وجراً، وياء بمعني رفعا، فضلاًعن واو يعزوا رفعا([229]).
ومعنى ذلك ان هذا النوع من الاعلال يحصل عادة في الافعال المضارعة المعتلة بالواو اوالياء، نحو: يدعز ويقضي، واصلها يدعو ويقضي، كما يحصل في الاسماء المنقوصة المعرفة بال او بالاضافة في حالتي الرفع والجر، نحو: الغازي في حالة الرفع، واصلها: الغازي، والرامي في حال الجر واصلها الرامي ([230]).
وما حدث في الكلمات: يدعو ويقضي والغازي والرامي هو تحويل المقطعين الاخرين من الكلمة، وكلاهما من النوع الاول الى مقطع من النوع الثاني عن طريق حذف تتمة المقطع الاخير في هذه الكلمات. ومما تقدم يمكننا ايجاز شروط هذا النوع من الاعلال بالنقاط الاتية:
1 ـ أنه يقع في أواخر الاسماء والافعال.
2ـ أنه خاص بنصفي الد: الواو والياء.
3 ـ يشترط غي الواو ان تكون مضمومة، وفي الياء ان تكون مضمومة او مكسورة.
4ـ يتم هذا النوع من الاعلال عن طريق حذف حركة نصف المد، تخفيفا ً للخفة في النطق، ولهذا لاتحذف الفتحة لخفتها ([231])،مثل لن يدعوا سيد الى الشر، ورايت النادي مكتضا برواده.
5ـ يشترط ان يكون ما قبل نصف المد متحركاً، فان كان ساكناً امتنع حصول الاعلال فيه، كقولك: دلو وظبي([232]). ويطالعنا في تائية دعبل عدداً غير قليل من الامثلة التي تحول فيها الصائت القصير ونصف المد الى صائت طويل، مثل: يعدي، والايدي، واشكو، وفي نواحي الارض، وارجو، واغدو، واداوي، ونادى منادي الخير، ويجزي ([233]). واصل هذه الكلمات: يعدي، والايدي، واشكو، ونواحي الارض، وارجو، واغدو، واداوي، ومنادى الخير، ويجزي. وماطر على هذه الكلمات هوحذف الحركة الاعرابية من لامات هذه الكلمات؛ تحقيقا للخفة في النطق، أي حذفت قمة المقطع الاخير، فبقي المقطع الاخير قاعده من غير قمة، وهذا لايجوز في البنيه المقطعية، فاعيد تشكيل البنية المقطعية للسلسلة المنطوقة عن طريق الحاق قاعدة المقطع الاخير (لام الكلمة) بالمقطع السابق له، ثم اتحاد الصائت القصير ونصف الصائت مكونين صائتاً طويلا([234]). ويذهب الدكتور حسام النعيمي في تفسير ما حدث في مثل هذه الكلمات مذهباً اخر، فاحتمل ان يكون المقطع الاخير في مثل هذه الكلمات قد حذف للتخفيف، وعوضوا عن هذا الحذف بمد الصائت القصيرالذي قبلة([235]). ويجوز ان نقول ان ماحدث في مثل: اشكو، واجو، واغدو: ان قاعدة المقطع الاخير (الواو) قد حذفت؛ لانها انحصرت بين صائتين قصيريين، فبقي المقطع قمة من غير قاعدة، وهذا لايجوز، فاتحدت قمة المقطع الاخير (الضمة القصيرة) مع قمة المقطع الذي قبله (الضمة القصيرة)، فتحولتا الى واو مد([236])، كما يمكن تفسير ماحصل في نحو: يعدي والايدي واداوي ومنادي ويجري بان قاعدة المقطع الاخير (الياء) قد حذفت؛ لوقوعها بين صائتين قصيرين، فالتقى صائتان: الكسرة والضمة، ولايجوز ذلك، فحذفوا الضمة القصيرة، واشبعوا الكسرة القصيرة، فصارت ياء مد([237]). وقد عالج الصرفيون العرب امثلة هذا النوع من الاعلال في باب الاعلال بالنقل، واطلقوا عليه اسم الاعلال بالتسكين([238]). وغني عن البيان ان القدماء لم يحالفهم التوفيق، حين اطلقوا على هذا اللون من الاعلال اسم الاعلال بالتسكين؛ لان نصف المد: الياء او الواو ان ذهبت منه الحركة، يؤدي الى حدوث تغيير في البنية المقطعية، فيتحد مع الصائت القصير الذي قبلة، فيكونان حركة طويلة، والحركات لاتسكن، وانما التسكين خصيصة من خصائص الحروف لا الحركات. وهذه التسمية انما جاءت، لان الدرس الصرفي القديم يقوم على فكرة لا يرتضيها الدرس الصوتي الحديث، وهي جعل الالف كذلك الياء والواو في حال المد حروفاً ساكنة مسبوقة بحركات من جنسها ((واصوات المد هذه في الدرس الصوتي الحديث صوات طويلة لا تكون الا قمما ً للمقاطع، وما يكون قمة مقطع لا يكون الا صائتاً)) ([239])، ثم ان الدرس الصوتي الحديث لا يقول بوجود حركة قبل صوت المد، لان القول بذلك يستلزم بوجود قمتين للمقطع الصوتي، وهو امر ترفضه الدراسة اللغوية الحديثة وتاباه([240]).
خامساً:الاعلال بالقلب
الاعلال بالقلب: وهو تناوب يحدث بين اصوات العلة، فيحل بعضها مكان بعض، بحيث يختفي الاول، ويحل الاخر محلة؛ طبقاً لضوابط محددة يجب الخضوع لها ([241]). ويشغل موضوع الاعلال بالقلب عند القدماء مساحة واسعة بين انواع الاعلال في الصرف العربي القديم؛ واية ذلك انهم ذكروا مواضع لقلب الواو والياء الى الالف، وقلب الواو ياء، وقلب الياء الى واو، وقلب الالف ياء او واواً ([242])، ولم يقصر اللغويين العرب الاعلال بالقلب على اصوات العلة، بل ادخلوا معهاالهمزة، ولهذا ذكروا مواضع لقلب الالف والياء والواو همزة، واخرى لقلب الهمزة ياء او واوا ([243])، وهذا الامرلا تويده الدراسات اللغوية الحديثة. ولعل المنهج الذي اتبعناه في دراسة هذا الموضوع قد ساهم كثيراً في تضيق مساحة هذا اللون من الاعلال وتقليل مواضعه. ولقد وردت في تائية دعبل كلمات قليلة، حصل فيها الاعلال بالقلب، يمكن دراستها بالشكل الاتي:
ا ـ قلب الواو مثل الايام، ومغشية([244]). وكلمة الايام اصلها الايوام، فاجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة،ولم يفصل بينهما فاصل، وكانت السابقة منهما ساكنة سكوناً اصلياً، وغير منقلبة عن حرف اخر، فقلبت الواو ياء،وادغمت في الياء االسابقة ([245]). ويفسر الدكتور عبد الصبور شاهين قلب الواو ياء في كلمة (الايوام) بانه تتابع مزدوجين في هذه الكلمة، وهذا التتابع يشبه تتابع الكسرة والضمة؛ اذ وقعت فيه الواو بعد الياء مباشرة، ((ونظراً لصعوبة هذا التركيب، وكراهة اللغة له، فإنها مالت الى إحداث الانسجام في هذا المثال واشباهه، بتغليب عنصر الكسرة على عنصر الضمة)) ([246])، واما مغشية فهي اسم مفعول من الماضي غشي، واصلها مغشوية، فقلبت فيها الواو ياءً، وادغمت الياء في الياء ([247])؛ ايسر في النطق من الواو، ولاسيما اذا كانت واقعة في نهاية الكلمة ([248]).
ب ـ قلب الياء الفاً، نحو :اية، ويهتدى، وتدمى وتسبى ([249]). واية اصلها ـ في راي احدهم ايية، بياءين متحركتين قبل كل منهما فتحة، فقلبت الاولى منهما الفاً ([250])، وتحولت الهمزة والالف الى همزة ممدودة . واما يهتدي وتدمى وتسبى فهي افعال مبنية للمفعول، واصلها في البناء للفاعل يهتدي وتدمي وتسبي([251]).
جـ ـ قلب الواو الفاً: ويمكن التمثيل له بالفعل تتلى ([252])، واصله قبل البناء للمجهول: تتلو ([253]). وقد جاءت في تائية دعبل كلمات كثيرة ادخلها القدماء في باب الاعلال بالقلب، غير ان المنهجية التي رسمناها لبحثنا اقتضت اخراجها منه، فعالجنا بعضها تحت عنوان الاعلال بالحذف، واهملنا ذكر بعضها الاخر، فلم ندخله في أي نوع من انواع الاعلال بالحذف، وهي تلك الكلمات التي حصل فيها تناوب بين اصوات العلة والهمزة، مثل: ات، واحد، وال، ودائم، والايام، واضوا، واسم ([254])؛ اذ ليس هناك قرابة صوتية بين الهمزة واصوات المد والعلة، فالهمزة صوت حنجري شديد، ليس بالمجهور ولا بالمهموس، ومخرجه من فتحة المزمار ([255])، في حين ان اصوات المد واللين اصوات مجهورة تخرج من منطقة الفم ([256]).
الخاتمة
يجد المتيع تائية دعبل انها تستحق ان تدرس دراسة صرفية من عدة جوانب، مثل اسناد الافعال الى الضمائر، والمشتقات،والجموع، والاعلال وغير ذلك. وقد اكتفيت في هذا البحث دراسة موضعي الجمع والاعلال فيها تاركين لغيرنا من الباحثين دراسة الجوانب الاخرى فيها.
واتضح لي من دراسة موضوع الجمع ان اشكال الجمع كلها قد وردت في تائية دعبل، ولكن بنسب متفاوتة جداً، فكان جمع المؤنث السالم وجمع التكسير اكثر الانواع وروداً فيها.
لقد امتازت تائية دعبل بكثرة الالفاظ المجموعة بالالف والتاء حتى وصل عددها الى مايقارب الثمانين، كما ضمن دعبل تائيته عدداً قليل من جموع القلة والكثرة، فاما امثلة جموع القلة فقط جاءت على الاوزان: افعل وافعال وفعلة، واما امثلة جموع الكثرة لغير منتهى الجموع فقد جاءت على الاوزان: فعل، وفعول، وفعل، وفعال، وفعل، وفعال، وفعلة، وفعلى، وفعلان، وافعلاء، وفعلاء، في حين ان جموع الكثرة التي جاءت على صيفة من صيغ منتهى الجموع قد وردت على الاوزان: فواعل، ومفاعل، وفعالى، وفعالى، وفعالي. وكانت حصة جمع المذكر السالم فيها قليلة جدا؛ اذ جاءت فيها الفاظ قليلة جمعت هذا الجمع، والفاظ اخرى عدها الصرفيون العرب ملحقة به من حيث الاعراب.
وقد ورد في تائية دعبل مظهران من مظاهر جمع اجمع، احدهما: جمع الاسم المجموع جمع كثرة بالالف والتاء،والاخر: جمع الاسم المجموع قلة على صيغة من صيغ منتهى الجموع. وتضمت تائية دعبل كذلك كلمات تدل على معنى الجمعية، ولكنها جاءت مخالفة للقواعد المقدرة في جمعي التصحيح والتكسير، ومن بين هذه الكلمات مااصطلح عليه اسم الجمع،ومنها ما يقال له: اسم الجنس الجمعي.
وخلص البحث من دراسة موضوع الاعلال الى ان الاعلال في العربية ياتي على خمية اشكال، هي: الاعلال بالحذف، والاعلال بالقلب، والاعلال بالنقل، والاعلال بتقصير صوت المد، والاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى صوت المد، مستدركاً على القدماء النوعين الاخرين من انواع الاعلال.
ويعد الاعلال بالحذف اكثر انواع الاعلال وروداً في الصرف العربي، واما الاعلال بالقلب فيشغل مساحة ضيقة جداً فيه، وهذا خلاف ماتوصل اليه القدماء،اذ يشغل موضوع الاعلال بالقلب عندهم مساحة واسعة تفوق المساحة التي يشغلها الاعلال بالحذف والاعلال بالنقل.
ويأتي الاعلال بالحذف في العربية بعدة صور، أشهرها ثلاث صور هي:
1ـ حذف بلا اتحاد ولا اشباع 2ـ حذف مع اشباع. 3ـ حذف مع اتحاد حركتين.
وقد جاء الاعلال بالنقل في العربية في ثلاثة مواطن: في حال اسناد الفعل الماضي المعتل العين الى احد ضمائر الرفع، وفي الفعل الماضي المضعف المكسور العين في الاصل، وفي الفعل الماضي الاجوف عند بنائه للمجهول. وما يحصل في الموضعين الاول والثاني تقل مع حذف، واما مايحصل في الموضع الثالث فهو نقل وحذف مع ايشاع . واما المواضع الاخرى التي ادخلها القدماء في باب الاعلال بالنقل، فلا علاقة لها في هذا الباب البتة، ويمكن دراسة اكثرها تحت عنوان الاعلال بالحذف.
ولمم يكن وجود النوع الرابع من المقاطع في نيص الكلمات العربية السبب الوحيد لحدوث الاعلال بتقصير صوت المد، فهذا النوع من الاعلال يظهر ايضاً في حالة التقاء صوتين صائيتين طويلين داخل السياق. وقد يأتي هذا النوع من الاعلال في العربية بسبب عاملي: الجزم في الفعل المضارع المعتل الاخر، والبناء في فعل الامر المشتق من مضارع معتل الاخر.
وليس كل تتابع بين الصائت القصير وشبه الصائت في العربية يؤدي الى تشكيل الصائت المركب او الصوت المزدوج، وانما يعتمد ذلك على موقع هذا التتابع في الكلمات العربية ونوع الصائت القصير فيها. وبعبارة اوضح ان الصائت المركب النازل موجود في العربية من الناحية الوظيفية، ولا وجود للصائت المركب من النوع الصاعد فيها، بيد ان وجود الصائت المركب من النوع النازل او الهابط فيها محدد بحدود ومقيد بقيود، فهو يحصل في الافعال المضارعة المعتلة بالواو اوالياء في حال كونها مرفوعة، كما يحصل في الاسماء المنقوصة، إذا اقترنت بال او بالاضافة في حال كونها مرفوعة او مجرورة.
وتاسيساً على ذلك يمكن القول: ان الاعلال بتحويل الصائت القصير ونصف المد الى الصائت المركب اليائي تأتي في العربية في صورتين، احدهما: تحويل الياء الواقعة في نهاية الكلمة والصائت القصير الذي قبلها الى ياء مد، اذا جاءت بعدهما كسرة قصيرة او ضمة قصيرة. والصورة الاخرى: تحويل الواو الواقعة في نهاية الكلمة والصائت القصير الذي قبلها الى صوت مد، اذا جاءت بعدهما ضمة قصيرة ومعنى ذلك ان هذا النوع من الاعلال يشترط فيه خمسة شروط مجتمعة، هي:
1ـ انه يقع في اواخر الاسماء والافعال
2ـانه خاص بنصف المد الواو او الياء
3ـ يشترط في الواو ان تكون مضمومة، وفي الياء ان تكون مضمومة او مكسورة،
4ـ يتم هذا النوع من الاعلال عن طريق حذف حركة نصف المد: الضمة او الكسرة؛ تحقيقاً للخفة في النطق، ولهذا لاتحذف الفتحة لخفتها.
5ـ ان يكون ماقبل نصف المد متحركاً، فإن كان ساكناً امتنع حصول هذا النوع من الاعلال.
من روافد البحث
1ـ أبحاث في أصوات العربية،د. حسام النعيمي، ط، دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1998 م.
2ـ أبنية الصرف في كتاب سيبويه، د. خديجة الحديثي، ط، مكتبة لبنان ناشرون - بيروت 2003م.
3ـ أسرار العربية، أبو البركات الانباري (ت 557هـ)، تحقيق محمد البيطار، دمشق1957م.
4ـ الاصوات اللغوية،د. إبراهيم أنيس، مكتبة الانجلو المصرية 1999م.
5ـ الأغاني،أبو الفرج الاصفهاني (ت356 هـ)، مطبعة الساسي مصر، بدون تاريخ.
6ـ أهمية علم الأصوات في تعليل مسائل النحو، عباس علي اسماعيل وآخرون،بحث منشور في مجلة جامعة أهل البيت :،كربلاء/العراق، السنة الثالثة، العدد السادس، سنة 2008م.
7ـ الإيضاح في علل النحو، أبو القاسم الزجاجي (ت 337 هـ)، تحقيق د. مازن المبارك، ط2، دار النفائس ـ بيروت 1973م.
8ـ التطور النحوي للغة العربية، برجشستراسر،تصحيح وتعليق د.رمضان عبد التواب، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الرفاعي بالرياض،مطبعة المجد ـ 1982م.
9ـ التطور اللغوي التاريخي، د. إبراهيم السامرائي،معهد البحوث والدراسات العربية ـ جامعة الدول العربية 1966م.
10ـ التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه، د. رمضان عبد التواب،ط3، نشر مكتبة الخانجي ـ القاهرة 1997م.
11ـ التعريف بالتصريف، د. علي أبو المكارم،ط1،مؤسسة المختار للنشر والتوزيع ـ القاهرة 2007م.
12ـ تقويم الفكر النحوي، د.علي أبو المكارم، دار غريب للطباعة واللنشر والتوزيع ـ القاهرة 2005م.
13ـ جامع الدروس العربية، للشيخ مصطفى الغلاييني، ط1، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت 2004م.
14ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك: محمد بن علي الصبان (ت 1206هـ)، تح، ابراهيم شمس الدين، ط1، دار الكتب العلمية ـ بيروت 1977.
15ـ الخصائص،أبن جني (ت392هـ)،تحقيق، د. عبد الحميد هنداوي،ط3، دار الكتب العلمية ـ بيروت 2008م.
16 - دراسات في علم اللغة، د. كمال بشر، دار المعارف/ القاهرة، 1969م.
17ـ دراسات في اللغة: د. ابراهيم السامرائي، مطبعة العاني ـ بغداد 1961م.
18ـ دراسات لغوية في القرآن وقراءاته، د. احمد مختارعمر، عالم الكتب ـ القاهرة 2001م.
19ـ دراسات في علم الصرف، د. عبد الله درويش،ط2، مطبعة الرسالة ـ القاهرة 1962م.
20ـ دراسة الصوت اللغوي،للدكتور احمد مختار عمر، عالم الكتب ـ القاهرة 2004م.
21ـ دروس التصريف في المقدمات وتصريف الافعال، محمد محيي الدين عبد الحميد، مطابع العبور الحديثة، القاهرة 2005م.
22ـ دروس في علم أصوات العربية، جان كانتينيو،ترجمة، د. صالح القرمادي، مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية ـ تونس 1997م.
23. دعبل الخزاعي بين الفكر الرسالي والفن الادبي، الدكتور عبد الرسول الغفاري، مطتبة الامام الحسين التخصصية للنشر والتوزيع، المكتبة الادبية المختصة النجف الاشرف، ط1، 1433هـ - 2012م.
24ـ ديوان دعبل بن علي الخزاعي،جمع وتحقيق عبد الصاحب الدجيلي،ط2،دار الكتاب اللبناني ـ بيروت 1972م.
25ـ سر صناعة الاعراب، ابن جني، تحقيق محمد حسن اسماعيل وأحمد رشدي شحاته،ط2، دار الكتب العلمية ـ بيروت 2007م.
26ـ شرح الاشموني على ألفية ابن مالك، نور الدين علي بن محمد الأشموني (ت 929هـ)، تحقيق حسن حمد،ط1،دار الكتب العلمية ـ بيروت 1998.
27 ـ شرح التسهيل، تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، ابن مالك (ت 672هـ)، تح، محمد عبد القادر عطا وطارق فتحي السيد،ط1،دار الكتب العلمية ـ بيروت 2001م.
28ـ شرح التصريح على التوضيح، خالد الازهري (ت905هـ)،تحقيق محمد باسل عيون السود، ط1،دار الكتب العلمية ـ بيروت 2000م.
29ـ شرح جمل الزجاجي، ابن عصفور (ت669هـ)،تحقيق د. صاحب ابو جناح، مديرية دار الكتب، جامعة الموصل 1982م.
30ـ شرح الشافية، رضي الدين الاسترباي (ت686هـ)، تحقيق محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف ومحمد محيي الدين عبد الحميد، ط1،دار الكتب العلمية ـ بيروت 1385هـ.
31- شرح المراح في التصريف بدر الدين محمد بن أحمد العيني (ت 855هـ)، تحقيق عبد الستار جواد، ط1، مؤسسة المختار، القاهرة، 2007م.
32ـ شرح المفصل، ابن يعيش(ت643هـ)،وضع هوامشه وفهارسه د. اميل بديع يعقوب، ط1، دار الكتب ـ بيروت 2001م.
33ـ شرح الملوكي في التصريف، ابن يعيش، تحقيق فخر الدين قباوة، ط2،دار الاوزاعي ـ بيروت1988م.
34- الصرف، د. حاتم الضامن، مطبعة دار الحكمة، الموصل، 1991م.
35- الصرف الوافي، د. هادي نهر، مطبعة التعليم العالي، الموصل، 1989م.
36ـ الظواهر الصوتية عند الكوفيين في ضوء علم اللغة الحديث،عباس علي اسماعيل، رسالة ماجستير كلية التربية للبنات، جامعة الكوفة 1999م.
37ـ العربية الفصحى نحو بناء لغوي جديد،هنري فليش،تعريب د.عبد الصبور شاهين،ط1، الكاثوليكية ـ بيروت 1966م.
38ـ علم الاصوات،برتيل مالمبرج، تعريب د. عبد الصبور شاهين،مطبعة التقدم،نشر مكتبة الشباب ـالقاهرة 1985م.
39ـ علم الاصوات،د. كمال بشر،دار الغريب للطباعة والنشر ـ القاهرة 2000م.
40ـ علم اللغة العام ـ الاصوات ـ د. كمال بشر،ط4،دار المعارف ـ مصر 1975م.
41ـ علم اللغة مقدمة للقارىء العربي،د. محمود السعران،دار المعارف ـمصر 1962م.
42ـ فصول في فقه العربية،د. رمضان عبد التواب،ط6،نشر مكتبة الخانجي ـ القاهرة 1999م.
43ـ فقه اللغة العربية،د. كاصد الزبيدي،مديرية دار الكتب للطباعة والنشر ـ جامعة الموصل 1987م.
44ـ فقه اللغة العربية وخصائصها، اميل بديع يعقوب،ط2،دار الكتب للطباعة والنشر ـجامعة الموصل 1999م.
45ـ فقه اللغة المقارن، د. ابراهيم السامرائي،دار العلم للملايين ـ بيروت 1968م.
46ـ في الاصوات اللغوية،دارسة في اصوات المد العربية،د. غالب المطلبي،دار الحرية ـ بغداد 1984م.
47ـ في اللهجات العربية،د. ابراهيم انيس، مكتبة الانجلو المصرية ـ القاهرة 2003م.
48ـ القاموس المحيط،للفيروز ابادي (ت 817هـ)،تحقيق عبد الخالق السيد،ط1،مكتبة الايمان ـ المنصورة 2009م.
49ـ القراءات القرانية في ضوء علم اللغة الحديث،د. عبد الصبور شاهين،دار القلم ـ القاهرة 1966م.
50ـ الكتاب لسيبويه(ت180هـ)، تح، عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجي. بمصر، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2. 1977م.
- ظ: الأغاني، لأبي الفرج الاصفهاني: 18/19.
- ظ: ديوان دعبل بن علي الخزاعي، تحقيق عبد الصاحب عمران الدجيلي: 65.
- ديوان دعبل بن علي الخزاعي:124ـ145.
- ذهب بعض الشراح الى أن مطلع القصيدة هو قوله: مَدارسُ آياتٍ خَلَتْ من تِلاوةٍ *** ومنزلُ وَحيٍ مُقفرُ العرصاتِ. علماً أنَ هذا البيت يندرج تحت الرقم (30) من ترتيب القصيدة التي اشتهرت بتائية دعبل، واشتهرت بالقصيدة الغراء في أهل البيت :، وهو يذكر فيها ما اصابهم من قتل وبلاء وتشريد، ظ: دعبل الخزاعي بين الفكر الرسالي والفن الادبي، الدكتور عبد الرسول الغفاري: 163.
- ظ: شرح التسهيل :1/72.
- من أسرار اللغة: 129، محاضرات في فقه اللغة، الدكتور عصام نور الدين: 223.
- تائية دعبل، الأبيات: 11، 40، 100، الديوان: 126، 133، 143.
- ظ: شرح الاشموني: 1/59 - 60.
- ظ: شرح التسهيل : 1/95، همع الهوامع: 1/152.
- ظ: شرح الاشموني : 1/61ـ 63، همع الهوامع: 1/153ـ 156.
- تائية دعبل، الابيات:90،69،14،13، الديوان: 143،139،126
- التطور اللغوي التاريخي : 72 ، فقة اللغة المقارن: 47.
- فقة اللغة المقارن:111.
- ظ: تائية دعبل، الابيات:84،67،59،47،36،31،19،9،4،3، الديوان: 140،138،137، 134،132 ،127 ،125
- تائية دعبل، الابيات:112،91،29،الديوان :144،141،131.
- المصدر نفسه، الابيات: 76،68،43،38، الديوان: 140،138،133،132.
- ظ: لسان العرب : 2/3،620/5،625/ 8،955/353.
- تائية دعبل ، البيت: 55، الديوان :135.
- تائية دعبل، الابيات: 66،23،4، الديوان: 138،129،125.
- ظ: اللسان لابن منظور:214،7، القاموس المحيط:531،136.
- تائية دعبل، البيت،:63، الديوان: 138.
- اللسان: 6/718.
- تائية دعبل، البيت:29،الديوان: 131.
- القاموس المحيط: 423.
- تائية دعبل، البيت: 22، الديوان: 129.
- اللسان: 3/608.
- تائية دعبل، البيت: 114،الديوان:144.
- اللسان: 8/690.
- ظ: فصول في فقه العربية، للدكتور رمضان عبد التواب: 163 – 192.
- تائية دعبل ،الابيات:100،83،70،52،48،37،30،25،21،7،4،الديوان: 143،140،139،135،134،132 ،131 ،130 ،129 ،125
- ظ: شرح التصريح: 2/513 - 514.
- تائية دعبل ،الابيات : 114،95،93،68،12، الديوان: 144،142،138،126.
- ظ: : شرح التصريح : 2/514.
- تائية دعبل، البيت: 39، الديوان 132.
- المصدر نفسه، البيت: 55، الديوان: 135.
- ظ: شرح التسهيل: 1/96.
- ظ: الخصائص:2/444، الصرف الوافي: 161.
- ظ: من أسرار العربية: 65، الصرف الوافي :161.
- ظ: فقه اللغة المقارن :110.
- تائية دعبل، الابيات: 144،130،126،125،124
- ظ: شرح جمل الزجاجي : 1/89.
- تائية دعبل، الابيات: 64،58،15،11، الديوان: 138،137،127،126
- ظ: شرح التصريح: 2/516.
- ظ: في اللهجات العربية: 86، دراسة في اصوات المد العربية: 183
- ظ: فقه اللغة المقارن:95، محاضرات في فقه اللغة ، الدكتور عصام نور الدين:224
- ظ: العربية الفصحى: 66.
- ظ: جامع الدروس العربية: 185ـ 206
- ظ: في اللهجات العربية:31، فقه اللغة العربية وخصائصها، الدكتور اميل بديع يعقوب :113.
- ظ: دراسات في اللغة: 78.
- معاني الابنية في العربية، الدكتور فاضل السامرائي: 130 135.
- دراسات لغوية في القرآن وقراءاته، الدكتور احمد مختار عمر:217،226ـ228
- ظ: شرح الاشموني :3/380،شرح التصريح: 2/521ـ522.
- تقويم الفكر النحوي: 192.
- شرح الاشموني، 3/380، شرح التصريح: 2/521 – 522.
- ظ: شرح التصريح:2/520، همع الهوامع: 3/308 – 311.
- تائية دعبل، الابيات: 2، 70، 91، 100، الديوان: 125، 139، 141، 143.
- ظ: شرح الشافية :2/262،شرح التصريح :2/522.
- ظ: الشافية :2/262،شرح التصريح:2/523
- ظ: همع الهوامع :3/309.
- تائية دعبل ،البيتان :89،75،الديوان :141،139
- المصدر نفسه، الابيات :2/112،100،الديوان :145،143،125
- المصدر نفسه، البيتان :77،13،الديوان :140،126.
- المصدرنفسه، البيتان :115،42،الديوان :145،133.
- المصدرنفسه، الابيات:65،22،20،الديوان :128ـ129.
- ظ: شرح الاشموني:3/385،ابنية الصرف في كتاب سيبوية :216.
- شرح التصريح :2/258.
- تائية دعبل، البيت :84،الديوان :140.
- ظ: شرح الشافية: 2/90، جامع الدروس العربية :183.
- المرجع نفسه :197،188.
- تائية دعبل ،البيتان:5،1،الديوان:124ـ125.
- ظ: شرح جمل الزجاجي :3/135،همع الهوامع:3/311.
- تائية دعبل ،البيت:99،الديوان :143.
- ظ: شرح التصريح:2/530،ابنية الصرف في كتاب سيبويه :220.
- ظ: لسان العرب:5/717.
- تائية دعبل ،الابيات :97،93،84،29،7،الديوان:142،140،130،125.
- ظ: شرح الاشموني: 3/397.
- تائية دعبل، البيت : 11، الديوان: 126.
- المصدر نفسه، البيتان 32،6، الديوان: 131،125.
- همع الهوامع:3/ 316
- ظ: شرح الاشموني : 3/391، التعريف بالتصريف 305.
- المنهج الصوتي للبنية العربية:136.
- المرجع نفسه:136.
- تائية دعبل، البيتان:99،66، الديوان: 143، 138.
- شرح التصريح: 2/535، المهذب في علم التصريف 192،191.
- المهذب في علم التصريف:191ـ192.
- تائية دعبل، البت: 99، الديوان: 143.
- ظ: أبنية الصرف في كتاب سيبويه:220.
- القاموس المحيط: 593.
- تائية دعبل، الابيات: 81،43،17،الديوان: 140،133،127.
- همع الهوامع: 3/319، الصرف الواضح: 254.
- تائية دعبل، الابيات: 130،79،66،46، الديوان: 144،140،138،134.
- شرح الاشموني: 3/393، 399، الصرف، للدكتور حاتم الضامن:270،265.
- ظ: شرح التصريح: 2/544ـ 545، الصرف الواضح:258.
- الصرف الواضح:259.
- الكتاب:3/450.
- الصرف الواضح، الدكتور عبد الجبار النايلة:260، الصرف، للدكتور حاتم الضامن:273.
- جامع الدروس العربية :197.
- تائية دعبل، الابيات:67،7،1، الديوان: 138،152،124.
- شرح الاشموني: 3/402، الصرف، للدكتور حاتم الضامن: 273.
- تائية دعبل، الابيات: 67،34،30،25،9،5، الديوان: 138،132،131،130 ،127،125
- ظ: شرح التصريح:2/555.
- تائية دعبل، البيتان:68،44، الديوان : 138،133.
- ظ: الكتاب: 4/113، همع الهوامع:3/326.
- تائية دعبل، البيت:2،الديوان: 125.
- ظ: شرح التصريح: 2/550، الصرف الواضح: 263.
- تائية دعبل، البيت18، الديوان: 127.
- ظ: همع الهوامع :3/322ـ 323، التعريف بالتصريف :309.
- جامع الدروس العربية :205.
- تائية دعبل، البيت: 6، الديوان:125.
- ظ: الكتاب :4/91شرح الاشموني :3/303/الصرف الواضح:266.
- الكتاب :4/95،همع الهوامع :3/334.
- همع الهوامع :3/334.
- التعريف بالتصريف: 311.
- المهذب في علم التصريف: 204.
- تائية دعبل، البيتان: 38، 76، الديوان: 132، 140.
- المصدر نفسة، البيت :42،الديوان :133.
- ظ: شرح الاشموني :3/412، أبنية الصرف في كتاب سيبويه :228
- تائية دعبل،الابيات:71،65،43،35،13،10،الديوان:139،138،133،132،126
- المصدر نفسة ،البيت :76،الديوان :140
- ظ: همع الهوامع :3/337،المهذب في علم التصريف :206.
- شرح الاشموني: 3/411 – 412. جامع الدروس العربية :210.
- ظ: شرح الاشموني: 3/412.
- تائية دعبل، الابيات: 71،26،24، الديوان: 139،133،130.
- ظ: الكتاب :4/74 ، شرح الاشموني :3/412.
- التعريف بالتصريف :315.
- ظ: شرح الاشموني :4/80ـ86،حاشية الصبان :4/391
- الصرف الواضح :318.
- القراءات القرانية في ضوء علم اللغة الحديث :77.
- ظ: شرح المفصل :5/347،شرح الشافية :3/49.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية :171.
- ظ: الكتاب: 4/307-308.
- ظ: معاني القرآن للفراء: 2/354.
- ظ: الظواهر الصوتية عند الكوفيين في ضوء علم اللغة الحديث:57ـ58.
- الاصوات اللغوية: 78، القراءات القرآنية: 20، 24.
- القراءات القرآنية: 20، 25 .
- ظ: التطور النحوي: 53.
- شرح الشافية: 3-48، شرح التصريح: 2/689 – 755.
- شرح الشافية: 62-67، شرح التصريح: 2/751 – 755، حاشية الصبان: 4/478 – 482.
- شرح الشافية: 99-110، شرح التصريح: 2/744 – 750، همع الهوامع: 3/433 – 435.
- سر صناعة الاعراب: 1/37 – 38، 2/364، شرح المفصل: 5/362، 368، همع الهوامع: 3/433 – 435.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية: 194 – 195.
- المرجع نفسه: 189، 191.
- شرح الشافية: 3/48، الصرف الواضح: 317.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية:173 – 179، القراءات القرآنية: 78 – 93.
- ظ: الصرف، الدكتور حاتم الضامن: 188.
- سر صناعة الاعراب: 2/364، المهذب في علم التصريف: 241.
- دروس التصريف: 86.
- علم الاصوات، الدكتور كمال بشر: 607 – 608.
- فصول في فقه العربية: 195.
- المرجع نفسه، الصفحه نفسها.
- أهمية علم الاصوات في تعليل مسائل النحو: 327.
- المدخل الى علم الاصوات العربية: 197.
- الايضاح في علل النحو: 74، همع الهوامع، 1/171- 172.
- همع الهوامع: 3/420، الصرف الواضح: 341.
- تائية دعبل، البيتان : 41، 61، الديوان: ، 137، 133.
- ظ: المهذب في علم التصريف: 357.
- ظ: الاصوات اللغوية: 134، دراسة الصوت اللغوي: 303.
- شرح الملوكي في التصريف: 333- 335، شرح الاشموني: 4/149 – 150.
- ظ: ابحاث في اصوات العربية: 18.
- شرح الشافية: 3/127، دروس التصريف: 160.
- تائية دعبل، الابيات: 113،70،8، الديون 145،139،125.
- المصدر نفسه، الابيات: 115،95،20،9، الديوان:145،142،128،125.
- المصدر نفسه، الابيات: 63، 87، 102،الديوان: 138، 141، 143.
- ظ: ابحاث في اصوات العربية: 56.
- العربية الفصحى:46، القرءات القرآنية:55ـ 56.
- ظ: القراءات القرآنية:60.
- تائية دعبل، البيتان: 43،29، الديوان: 133،131.
- المنهج الصوتي للبنية العربية: 189.
- ظ: دروس في علم اصوات العربية: 390.
- ظ: التطور اللغوي: مظاهره وعلله وقوانيه:33.
- ظ: شرح الاشموني : 4/121ـ126، همع الهوامع: 3/437ـ440.
- ظ: شرح الشافية:3/59، همع الهوامع: 3/133، النحو الوافي:4/586ـ587.
- تائية دعبل، الابيات :83،63،53،52، الديوان: 140،183،153
- المصدر نفسه، الابيات: 115،95،20،9، الديوان:145،142،128،125.
- المصدر نفسه، البيتان: 111،11، الديوان:145،126.
- ظ: شرح الشافية:3/67، همع الهوامع: 3/435.
- سر صناعة الاعراب:1/37.
- المنهج الصوتي للبنية العربية :194ـ195.
- ظ: التطور النحوي:48، دروس في علم اصوات العربية:137.
- ظ: ابحاث في اصوات العربية:46ـ48.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية:40.
- ظ: الاصوات اللغوية : 134.
- علم الاصوات، برتيل مالبرج: 1661- 167.
- فصول في فقه اللغة العربية: 190.
- المنهج الصوتي للبنية العربية: 39.
- ظ: دراسة الصوت اللغوي :302، دراسة في اصوات المد العربية:239.
- تائية دعبل، الابيات: 62،18،14، الديوان: 137،127،126.
- تائية دعبل، الابيات: 70،49،26، الديوان: 139،135،130.
- المصدر نفسه،البيت: 82، الديوان:140.
- المصدر نفسه، الابيات: 92،17،2، الديوان: 142،127،125
- ظ: جامع الدروس العربية:238
- علم اللغة العام، الدكتور كمال يشر:186، دراسة الصوت اللغوي: 391، التطور اللغوي مظاهرة وعلله وقوانينه:96.
- دراسة في اصوات المد العربية :291.
- تائية دعبل، البيتان: 110،72، الديوان: 144،139.
- المنهج الصوتي للبنية العربية: 89.
- تائية دعبل، البيتان:39،10، الديوان: 126،132.
- المصدر نفسه، البيت:39،10، الديوان:132،126.
- دراسة في أصوات المد العربية:294.
- شرح الملوكي في التصريف:345ـ350.
- ظ: التطور النحوي : 53، فصول في فقه العربية:397ـ398.
- سر صناعة الإعراب:1/33.
- ظ: شرح الشافية: 3/99ـ108، شرح التصريح:2/744ـ750، النحو الوافي: 4/600 – 604، المهذب في علم التصريف : 350 – 356 .
- ظ: الصرف الوافي: 262 – 268، جامع الدروس العربية: 245 – 246.
- همع الهوامع:1/193.
- دروس في التصريف: 130.
- المرجع نفسه: 129 – 130.
- ظ: شرح المراح في التصريف: 231.
- همع الهوامع : 3/2751.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية: 196ـ200.
- ظ: الإعلال بتقصير صوت المد.
- دراسات في علم الصرف :48.
- ظ: شرح الشافية:3/101ـ102، شرح الاشموني: 4/125ـ126.
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية:200.
- تائية دعبل، البيتان:53، 110،الديوان: 135، 144.
- ظ: همع الهوامع: 1/193.
- ظ: العربية الفصحى: 46، القراءات القرآنية: 57 – 59.
- علم الغة مقدمة للقارئ العربي، الدكتور محمود السعران: 185، فقه اللغة العربية، الدكتور كاصد الزبيدي: 439، أبحاث في اصوات العربية، للدكتور حسام النعيمي: 8.
- علم اللغة، الدكتور محمود السعدان:180، دراسة الصوت اللغوي:139.
- ظ: محاضرات في اللغة، الدكتور عبد الرحمن ايوب، علم اللغة، الدكتور محمود السعران: 186، الأصوات اللغوية: 132، فقة اللغة العربية، الدكتوركاصد الزبيدي: 440.
- دراسات في علم اللغة، الدكتور كمال بشر،:39ـ40، علم الاصوات، الدكتور : 372 – 373.
- المدخل إلى علم الأصوات العربية :157ـ158.
- ظ: علم الأصوات:82ـ83.
- ظ: القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث: 41ـ47، المنهج الصوتي: للبنية العربية: 30 - 32.
- ظ: في دروس علم أصوات العربية: 171 .
- ظ: المنهج الصوتي للبنية العربية: 195.
- ظ: شرح المفصل: 5/480، شرح الشافية: 3/125، محاضرات في علم الصرف: 194.
- ظ: شرح المفصل: 5/480، جامع الدروس العربية: 18 .
- شرح الشافية:3/125، جامع الدروس العربية: 245.
- ظ: شرح المفصل: 5/487، شرح الشافية: 3/125.
- شرح المفصل: 5/480، شرح الشافية: 3/125.
- شرح المفصل: 5/478ـ480، الصرف، الدكتور حاتم الضامن:192 .
- شرح المفصل:4/478، جامع الدروس العربية:245.
- تائية دعبل، الأبيات: 103،94،92،90،89،67،62،7،6، الديوان: 125، 137، 138، 141، 142، 144 .
- ظ: التطور النحوي:47، دروس في علم أصوات العربية:138.
- ظ: أبحاث في أصوات العربية:46.
- دروس في علم أصوات العربية: 137، القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث: 57.
- دروس في علم أصوات العربية: 137، أبحاث في أصوات العربية:25ـ26.
- ظ: شرح المفصل: 5/480، شرح الشافية:3/125.
- أبحاث في أصوات العربية:13.
- المرجع نفسه، والصفحة نفسها.
- ظ: النحو الوافي:4/571.
- شرح الشافية: 3/59ـ123، شرح التصريح على التوضيح:2/709ـ753.
- ظ: شرح الاشموني:4/87ـ101، شرح التصريح 2/693ـ708.
- تائية دعبل، البيتان:64،10، الديوان:138،126.
- حاشية الصبان:4/439، همع الهوامع: 3/433.
- المنهج الصوتي للبنية العربية: 189 - 190.
- ظ: شرح التصريح: 2/721، همع الهوامع:3/433.
- المنهج الصوتي للبنية العربية:190.
- تائية دعبل، الأبيات: 98،97،35،24، الديوان:142،132،130 .
- ظ: شرح التصريح: 2/732ـ733، حاشية الصبان:4/444ـ445.
- ظ: الصرف الواضح:337.
- تائية دعبل، البيت:24، الديوان:130.
- ظ: الصرف الواضح:337.
- تائية دعبل، الأبيات:102،97،77،40،31،23،1، الديوان:125، 129، 131،133،140،142، 143.
- الأصوات اللغوية: 78.
- المنهج الصوتي للبنية العربية:35.