الاستثمار الاجنبي المباشر(المنافع والمساوئ)
يشهد العالم المعاصر تطورات اقتصادية هامة ، وعلى أكثر من صعيد ، فهنالك التكامل الإنتاجي الدولي الذي انطلق على أثر الثورة العلمية والتكنولوجية ، وهنالك الدور المتصاعد لبعض المؤسسات الدولية مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ، وهنالك التكتلات الاقتصادية كالاتحاد الأوربي والآسيان والنافتا .... ، وتشكل هذه التطورات جميعها روافد تصب في صالح العولمة ( Globalization ) ، التي تمثل الصورة العامة المعبرة عن الاقتصاد العالمي الراهن ، الذي تقوده الاقتصادات الرأسمالية المتقدمة .
ولا يخفى الدور المتعاظم الذي تؤديه الشركات متعددة الجنسية في إطار العولمة الاقتصادية ، وبشكل خاص دورها في حركة الاستثمارات على الصعيد العالمي ، وانتقال رؤوس الأموال من بلد إلى آخر ، وبنوع من التداخل قل مثيله في الماضي ، بحيث أصبحت بعض البلدان المتقدمة رائدة في استيراد الاستثمارات وتصديرها وفي آن معا .
وبالتأكيد لا يمكن للبلدان النامية ( ومنها العربية ) أن تنأى بنفسها عن هذه المتغيرات الدولية ، فهي جزء من قسمة العمل الدولية ولها مكانتها في الاقتصاد العالمي ، وان كان بمواقع متباينة من بلد لآخر.
يحاول البحث الحالي التركيز على الاستثمار الأجنبي المباشر ولاسيما الوارد منه ، بوصفه أحد المتغيرات الأساسية على النطاق الدولي والمحلي ، والذي يترك أثره على اقتصاد بلد ما في ضوء مدى انفتاحه وتعامله مع هذا النوع من الاستثمار .
واختلفت وجهات النظر بصدد الرؤية إلى هذه الآثار ، فهنالك من ينظر إليها من زاوية تفاؤلية ايجابية ... ، وهنالك من يملك تجاهها نظرة سلبية تشاؤمية ... ، وبين هذه النظرة وتلك التي يعرضهما الباحث بحيادية ، يسعى إلى طرح وجهة نظره المتواضعة تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد ، وبخاصة إلى البلدان النامية ، عسى أن يخدم ذلك التوجهات العراقية الساعية إلى الانفتاح واستقطاب الاستثمارات الأجنبية .
تضمن البحث المنهجية الآتية : أولا إعطاء مفهوم للاستثمار الأجنبي المباشر وتمييزه عن استثمار الحافظة المالية ، ثم توضيح الاتجاهات المعاصرة لحركة الاستثمارات العالمية وللبلدان المتقدمة والنامية بالاستعانة ببعض البيانات المتاحة ، بعدها عرض الباحث منافع ومساوئ الاستثمار الأجنبي المباشر على التوالي ، وأخيرا تناول الباحث الآراء التي خرج بها وابرز المقترحات التي يعتقد بفائدتها