الحكم القضائي مصدر الالتزام الجديد
تعد نظرية الالتزام العمود الفقري للقانون ، واهم نظرياتها ، وكما نعلم ان مصادر الالتزام الاربعة بينت في مسودة جستنيان وهي كل من العقد وشبه العقد والجريمة وشبه الجريمة ، ولكن إزاء التطور الفقهي ابتدع الفقيه الروماني (مودستان ) القانون كمصدر خامس للالتزام .
وكما هو معروف ان تقنينين نابليون نقل هذه المصادر من الفقه الروماني دون اي تغيير ،وإزاء التطور القانوني اضيف الارادة المنفردة كمصدر جديد للالتزام ، وابدل تسمية الجريمة وشبه الجريمة للعمل غير المشروع ، واطلق على شبه العقد الكسب دون سبب .
ان الفقه القانوني يرى انه يستعصي على الالتزام- التجديدات المتهورة -، ووجدت فكرة جديدة ان الحكم القضائي والقرار الاداري كمصدرين جديدين للالتزام فسنناقش هذه الفكرة في الحكم القضائي تاركين القرارالاداري لبحث قادم ان شاء الله .
ان القضاء كما هو معلوم يحمي الحقوق وليس ينشئها ، فالأصل ان الحكم القضائي يكون كاشفا للحق لا منشئا له، والحقيقة ان وظيفة القضاء هو اقامة العدل في النزاع المعروض عليه ، ولكن وجدت ان فكرة الحكم القضائي يصلح ان يكون مصدرا للالتزام مثله مثل المصادر الاخرى المعروفة، وان القانون هو من يعطي هذا الحكم القضائي قوة انشاء الالتزام .
ان القضاء له سلطة تعديل العقد بموجب سلطته التقديرية فانه يقوم بموجب تفويض من القانون بانقضاء التزامات وانشاء التزامات اخرى جديدة تحل محلها مصدرها حكم القاضي ، وهذا التجديد هو تجديد ضروري يقابل التجديد الاتفاقي الذي ندرسه في انقضاء الالتزامات .
والتجديد بشكل مختصر هي حلول امر محل امر آخر ، وفي الالتزام حلول التزام محل التزام آخر ،لذا لابد من بيان التجديد الضروري وسنقسم هذا المبحث الى مبحثين نبين في اولهما مفهوم فكرة الحكم القضائي المنشئ للالتزام ونكرس في المبحث الثاني مناقشة الفكرة.