إشكالية المواطنة في الفكر الإسلامي السياسي
المبحث الأول: النشأة التاريخية ومعنى المفهوم:
تطرح قضية المواطنة إشكالية أكبر من علاقة المواطن بالدولة، ذلك أن اختلاط معنى هذا المفهوم بالجنسية في الفكر السياسي الفرنكفوني، والأنجلوأمريكي على السواء، يطرح أسئلة عدة عن أحقية المواطنة والجنسية، وعن كيفية تحديد أسباب اكتسابها والتمتع بهذا الحق في إطار النظام الدولي المقرر حديثاً. كما أن احتداد الطرح الحقوقي الإسلامي لمسلمي الغرب، واستمساكه بقواعد الجيل الثاني والثالث لحقوق الإنسان، يجعل موضوع المواطنة من الإسئلة الصعبة التي مازالت تواجه الدولة الحديثة. ففي السياق الغربي للمواطنة أشارت دائرة المعارف البريطانية «بأنها علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة»، وهي بذلك تضمن للمواطن التمتع بالحقوق تجاه الدولة، كما تخول له امتيازات خارج دولته.
والمواطنة على وجه العموم تسبغ على المواطن حقوقاً سياسية مثل الانتخابات وتولي المناصب العامة»([1]).
هذا المنحى الإشكالي نفسه نجده في تعريف موسوعة كولير الأمريكية لكلمة «Citizenship» «ويقصد بها مصطلح المواطنة ومصطلح الجنسية دون تمييز» وتصف الموسوعة المواطنة/ الجنسية بأنها «أكثر العضوية في جماعة سياسية اكتمالاً»([2])
لقد شهد هذا المصطلح تطوراً هامًّا خاصة في الجانب الحقوقي، حيث كان الدفاع عن المواطنة جزءاً من بناء نظام سياسي تعددي، يحترم المشاركة الشعبية ويجعلها مصدر السلطة القائمة على مؤسسات ديموقراطية قابلة للتطور والتغير.
لابد للباحث في مسألة المواطنة أن يقرر اقتران التطور الحديث لهذا المصطلح بالعلمانية، غير أن ذلك لا يعني أن قيام أحدهما شرط لوجود الثاني، فالقضية ما تزال تعاني مشاكل حقيقية في ظل الدولة العلمانية، مادامت المواطنة ترتبط بشبكة من الحقوق التي تؤسس لها خلفية ثقافية أو دينية([3])... فكيف يمكن لمفهوم المواطنة أن يخلق الانسجام السكاني لمجموع المقيمين في وحدة سياسية دون أن يلغي ذلك الطابع المتعدد الثقافات والمتعدد القوميات لهذه الوحدة السياسية؟.
إن هذا الوضع يضع السلطة السياسية أمام إشكاليات تصورية عديدة للمجال السياسي، بعضها يخرج عن نطاق التصور العلماني الكلاسيكي، أو العلماني المتطرف، كما هو واقع اليوم في فرنسا، التي يطالبها المسلمون المتمتعين بحقوق الجنسية، والمواطنة بمراعاة ممارستهم لهذه الحقوق حتى ولو اتخذت طابعاً دينيًّا، «ففي دولة تعددية معاصرة، يتداخل في الواقع مفهوم الجنسية والمواطنة، إلى حد إمكان اختزال كل منهما، بإمكانية التقاسم الروتيني مع الطبقة السياسية للاختيار غير العنيف لمكوناتها، والقيام بشكل استثنائي بدور الحكم لحل صراعاتها" ([4]).
هذا التطور الإيجابي الذي وصلت إليه المواطنة، كمبدأ أبدعه وانتصر له الفكر السياسي العقلاني التجريبي ساهمت فيه عوامل عدة، أولها حركة الإصلاح الديني وما أعقبها من نهضة وتنوير في الحياة السياسية، وما صاحبها من عودة فكر النهضة إلى الأصول الإغريقية، والفكر القانوني عند الرومان... من جهة أخرى، تأثر الفكر التنويري الأوروبي بالمساواة، التي أقرتها الشريعة الإسلامية، حيث جعلت كل أفراد الجماعة السياسية متساوون أمام القضاء من حيث المبدأ، كما لعب الفقه الإسلامي دوراً مهمًا فيما يخص تقنين الأحكام. ([5]).
فالمواطنة «كلمة مستحدثة في اللغة العربية اختارها المعربون للتعبير عن كلمة Polieteia اليونانية، Citoyenneté الفرنسية، Citizenclip والإنجليزية»([6])، والوطنية من المواطن والوطن، وحسب ابن منظور في لسان العرب الذي يستند إليه هيثم مناع في مفهومه هذا، فالوطن يعني «المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله»، «وأوطنت الأرض ووطنتها توطيناً واستوطنتها أي اتخذتها وطناً. ومنه أيضاً الاستيطان ومنه مفهوم الوطنية الذي دخل أيضاً مع دخول «ية» إلى العربية في معجم ترجمة التراث الغربي الحديث»([7]).
فالمواطنة مصطلح يحمل مدلولات تاريخية، تحكمت ظروف بروزه في تحديدها، فهذا المفهوم لا علاقة له بروما، ولا أثينا ولا المجتمع الإسلامي، إنه نتاج صراع بين الإمبراطورية الإيطالية، والإمبراطورية المقدسة من جهة، وإفرازات عصر النهضة في القرن الثامن عشر، نتيجة لذلك -حسب نافع-، فإن موضوع المواطنة كما تبلورت في السياق الأوروبي لا نجد له قياس في الموروث الإسلامي «وبالتالي هذا الموضوع يحتاج إلى بحث ويحتاج إلى تفكيك»([8]).
مما يعني نجاح مصطلح المواطنة في إيصال معنى الانتماء للوطن والعدالة في الحقوق والواجبات لأن استخدامها كان «مقروناً بالسعي إلى المساواة والمطالبة بالعدل والإنصاف بالنسبة لجميع من يحمل جنسية الدولة»([9]).
ولهذا المعنى لايوجد « أكثر دقة... من كلمة «المواطنة» في العربية لأنها مفاعلة بين اثنين (الذين يصبحون عشرات أو مئات الملايين) يتفاعلون حول الوطن فيقتسمون الانتماءات وكل الحقوق والواجبات»([10]).
من جهته يعتقد برهان غليون أن المواطنة تحالف بين أناس يتمتعون بالحقوق والواجبات نفسها، أناس أحرار لا تمييز بينهم في درجة «مواطنيتهم وأهليتهم العميقة لممارسة حقوقهم المواطنية بصرف النظر عن درجة إيمانهم التي لا يمكن قياسها وقدرتهم على استلهام المبادئ والتفسيرات السياسية بمفهومها الجديد»([11]).
إن مثل هذه التعريفات المقدمة أعلاه، وإن كانت تمثل اجتهادات بالغة الأهمية في الفكر السياسي العربي الإسلامي المعاصر، إلا أنها تسقط في إشكال نظري على الأقل. ففكرة المواطنة التي أُقرت بعد معاهدة واستفاليا 1648م، جاءت في إطار الدولة القومية، بمعنى آخر إن الولاء السياسي انتقل من عنصر الدين إلى عنصر الجغرافية والتراب. وبالتالي يمكن نفي أن أهم مقتضيات موضوع المواطنة هو الولاء للدولة، والتماهي معها، وهذا كله مقبول، إلا أن الإشكال يبتدئ عندما تقر المواطنة التماهي مع الدولة «ككيان بغض النظر عمن يحكمها»، فالقضية المطروحة هنا تجعل من «الولاء في التصور العربي الإسلامي يتعلق بمستوى أعلى وأسمى كثيراً من الدولة، الولاء لا يكون إلا للفكرة»([12]).
المبحث الثاني:المواطنة أزمة القيم والهوية:
في السياق الإسلامي تطرح المواطنة إشكال النموذج التصوري للدولة، على الرغم من التلاقح الحضاري الواقع، فإن الحديث عن مصطلح «مواطن» -حسب طه جابر العلواني-، لم يجرِ تداوله إلا بعد نجاح الثورة الفرنسية سنة 1789م، أما قبل ذلك، فإن الدولة تؤسس بناءً على أبعاد «كلاسيكية» يحضر فيها الدين والعرق، وغيرهما([13]).
وبعد أن تقوضت سلطة الكنيسة الكاثوليكية، بسبب الحروب الدينية، أخذ القبول والأخذ بمفهوم المواطنة يتسع، في منتصف القرن السابع عشر في أوروبا فتطور بتطور الفكر السياسي العلماني الليبرالي، إلى أن أصبحت الدولة لا تأخذ بالعقيدة الدينية دون أن يخلق انفصال الدين عن الدولة إشكالية كبرى في الانتماء لمواطنة واحدة. هذه المسيرة التاريخية والإسهام العملي في السلم والاستقرار السياسي جعل من المواطنة مبدأً ثابتاً ومرغوباً فيه في ظل الدولة الوطنية الديموقراطية.
إن مبدأ المواطنة الذي استقر في الفكر السياسي المعاصر «هو مفهوم تاريخي شامل ومعقد...، ومن هنا، يصعب وجود تعريف جامع مانع ثابت لمبدأ المواطنة»([14])؛ لأن الفكر السياسي إنما ينتج انطلاقاً من حراك اجتماعي معقد تتحكم فيه السيرورة التاريخية، لذا تتخذ إنتاجاته القانونية والثقافية، كما أن ترجمة الإنتاج الحضاري عمليًّا من خلال الدولة؛ يتخذ أبعاداً متشابكة يصعب معها نفي حضور مجموع القيم المشكلة لتلك الحضارة، بما فيها العقائد والمتغيرات السوسيوثقافية، والمتغيرات العالمية([15]).
من خلال التجربة السياسية الغربية يمكن رصد ثلاثة تحولات «متداخلة ومتكاملة»، شهدتها الأوضاع السياسية لهذه التجربة، استطاعت لقوتها أن تحوِّل بعض مرتكزات بناء الدولة، وأن تزرع أسس سياسية أرست مبدأ المواطنة. التحول الأول جاء مع نهاية الحروب الدينية بإقرار معاهدة وستفاليا 1648م، أما التحول الثاني فقد تجسد في إقرار المشاركة السياسية، وما شاهده بدوره من تطور وتوسع صاحبه تداول للسلطة سلميًّا، أما التحول الثالث فيتجلى في سمو القانون عن غيره، وشموله لسائر المواطنين وما أنتجه الفكر السياسي الغربي من مؤسسات، أو ما أطلق عليه مأسسة السلطة السياسية في ظل الدولة القومية الحديثة([16]).
ما يعزز هذه النتيجة هو ما تطرحه الدراسات الحديثة حول المواطنة باعتبارها رؤية تقوم:
أولاً: لتجسد نوع من الشعب يسوده الاحترام والتسامح تجاه التنوع السائد داخله.
ثانياً: على القانون أن يعزز ويضمن المساواة وتمتع المواطن بالحقوق المدنية والسياسية، «وعليه أيضاً ضمان قيام الشروط الاجتماعية والاقتصادية لتحقيق الإنصاف»([17]).
يؤكد راشد الغنوشي، بأن المواطنة لها معياران، لا تتقرر إلا بهما في الحياة السياسية الإسلامية.
الأول: يتجلى في الانتساب الديني، أما الثاني فيتمثل في الإقامة. وفي ضوء ذلك، نستنتج أن عنصري الدين والإقامة، يخرجان التصور الإسلامي من دائرة تهميش الدين الذي تقوم على أساسه العلمانية، وبما أن القول بمواطنة المقيم كيفما كان دينه، يتماشى والتصور العلماني الحديث والمعاصر، فهذا يعني أن الغنوشي يهدف إلى ترسيخ مرجعية عليا -الدين-، وفي الوقت نفسه «التماهي» مع الفكر السياسي الغربي فيما هو إنساني، ويتضح هذا بجلاء حينما يقول، بأن المسلمين غير المقيمين في الدولة الإسلامية، وكذلك غير المسلمين المقيمين فيها لا يتمتعون بحقوق المواطنة الكاملة([18])، والذي يقصده -الغنوشي- هنا هو أن الدين يخوِّل للمسلمين حقوقاً لا يتمتع بها غيرهم، غير أن المسلم غير المقيم لا يمكن أن يتمتع بحقوق المواطنة حتى ولو أقر بشرعية الدولة، لأن شرط الإقامة شرط مكمل لشرط الدين في التمتع بالمواطنة.
من جهته، يقدم عبد الوهاب الأفندي رأياً آخر داخل المدرسة الإسلامية المعاصرة، يستهدف تقديم الانتماء إلى المجتمع على الانتماء الديني، حيث يرى أن المجتمع العربي الإسلامي السياسي التقليدي كان من الطبيعي بأن يعتبر ويحدد العضوية والانتساب إليه بالدين، أما الآن فقد أصبحت الضرورات الحديثة تحتم معاملة الأقليات على أساس متساوية. وهذا يعني العضوية الكاملة في المجتمع والحقوق المتساوية»([19]).
قبل مزيد من التفصيل في الأطروحة، وتماشياً مع المنهجية التي بنينا عليها هذا البحث، لابد من التقرير في هذا الصدد أن الأدبيات السياسية العربية والإسلامية في هذا المجال لا تزال قليلة جدًّا، سواء في الفكر السياسي للقوميين أو الإسلاميين.
والسؤال عن المواطنة وعن الاعتقاد بمرجعيتها العلمانية ، ورغم انها امر يحتاج لفهمه الى تطبيق على ارض الواقع الا انه هذه « المسألة [نقصد المواطنة] لم تنتهِ على المستوى الفكري والثقافي»([20]).
من خلال هذا الرأي يتضح أن موضوع المواطنة يندرج ضمن إشكال أكبر، هو علاقة الدين بالدولة. وما إذا كان إقرار المواطنة يعني تهميش الدين أو القضاء عليه.
وإذا عرضنا الرأي السابق للتحليل، فإن أول ملاحظة يمكن إبداؤها حوله، هي ربط المواطنة بمشكل الهوية (لاحظ أن هذا المشكل يثار في الغرب خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر2001)، وتطور التاريخ الغربي.
أما الثانية فتتلخص في رؤية الواقع السياسي المتحرك والمتغير، فالواقع العربي الإسلامي شهد تحولات دولية مهمة حيث انتقل من الدولة الإمبراطورية إلى الدولة القطرية.
والحداثة السياسية في الغرب والعلمانية نفسها أنتجت أنماطاً متباينة، بعضها يحارب الدين بشكل من الأشكال (فرنسا...)، وبعضها يتمازج فيه الديني بالسياسي، وفق منظومة قانونية أعلى تسمح للمؤسسات الديموقراطية بتحكيم إرادة الشعب، و«الأمة». من هنا نرى أن التحفظ الذي يبديه البعض مبالغ فيه، وإن كان يحمل في طياته مبررات علمية، وعملية، خاصة في نظرته إلى علاقة الجزء بالكل، أي علاقة الديني بالسياسي.
المبحث الثالث: المواطنة والمرجعية: توافق أم تعارض:
من جهة أخرى يمكن القول إن التاريخ العربي الإسلامي لم يكن بعيداً في مراحل تكوُّن الدولة الأولى عن الأخذ بمبدأ المواطنة. ففي التاريخ العربي الإسلامي تمثل «صحيفة المدينة» التي كانت بين الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل المدينة من غير المسلمين، النموذج الأول في التاريخ العربي الإسلامي الذي لم يضع الدين محدِّداً رئيساً للانتماء إلى أمة السياسية بتعبير محمد عمارة، أما محمد سليم العوا، أحد أبرز مفكري التيار التوفيقي، فقد علّق على ما جاء في وثيقة المدينة المسماة بالصحيفة أو دستور المدينة بالقول «فهذه الوثيقة تجعل غير المسلمين المقيمين في دولة المدينة مواطنين فيها، لهم من الحقوق مثل ما للمسلمين، وعليهم من الواجبات مثل ما على المسلمين»([21]).
إن هذا الرأي الذي يقدمه العوا يتوافق بالتمام مع مبدأ المواطنة بمفهومها المعاصر. في السياق نفسه هناك من يؤكد أن صحيفة المدينة أرست قواعد المجتمع المتعدد دينيًّا لضمه لليهود والمسلمين وغيرهم. مما يتوافق وأطروحة الفيلسوف الألماني المعاصر يورغن هابرماس، الذي يتحدث عن تضامن المجتمع في إطار تعدده الثقافي. وتبعاً لذلك، «بوسع المرء أن يشير هنا إلى تضامن الصحيفة»، بالمعنى الذي يقصده هابرماس الذي أسس لمجتمع متعدد الثقافات يوحِّد المسلمين مع الآخرين»([22]).
من الناحية التاريخية يتحدث الفقه السياسي الإسلامي التقليدي عن أهل الذمة، وهم الذين يعيشون في إطار الدولة الإسلامية ويخضعون لسلطتها السياسية([23]). ويقصد بالذمة في اللغة العقد والأمان، أما في الاصطلاح الفقهي فهي «عقد مؤبد يتضمن إقرار غير المسلمين على دينهم، وتمتعهم بأمان الجماعة الإسلامية وضمانها، بشروط بذلهم الجزية وقبولهم أحكام دار الإسلام في غير شؤونهم الدينية»([24]). إن هذه الصيغة الإسلامية التي عملت الظروف التاريخية على إعطائها صبغة معينة، كانت متقدمة بالنظر إلى علاقة الأقلية بالأغلبية داخل السلطة السياسية آنذاك، وبالنظر إلى علاقة الأغلبية الدينية بالأقليات، ويمكن تلخيص علاقة السلطة السياسية بما أطلق عليه أهل الذمة فيما يلي:
1- اعتراف الدولة الإسلامية بالتعددية الدينية وبحرية ممارسة الشعائر الدينية في استقلال تام تُسَيِّر فيه الأقلية شؤونها الدينية بنفسها.
2- عدم مشاركة أهل الذمة في الدفاع عن الدولة الإسلامية في الحروب.
3- مقابل الأمان وعدم تعريض حياتهم للخطر في الحروب يؤدي القادرون عن حمل السلاح من «أهل الذمة» ضريبة سُمِّيت الجزية.
4- لا يؤدي غير القادر على حمل السلاح أي: الأطفال والنساء الجزية لأنها خاصة بالرجال.
5- يعتبر أهل الذمة تابعين للسلطة السياسية ومتساوين أمام القضاء مع غيرهم من المسلمين.
6- لا يشغل أهل الذمة مناصب سامية في الدولة كمبدأ عام.
بالنسبة لفهمي هويدي فإن هذه الصيغ والمفاهيم التقليدية [يقصد أهل الذمة] أمور متجاوزة، خاصة مع ظهور المواطنة، تبعاً لذلك فإن التجربة التاريخية لهذ المفهوم، إنما تعبر عن حاجة لم تعد قائمة، والمطلوب اليوم تنفيذ المبادئ الأساسية للقرآن والسنة وليس إعمال الآراء التقليدية المتراكمة في الموضوع([25])، فأحكام «أهل الذمة» «أحكام تاريخية في الغالب، وتفسير تاريخي للمبادئ الإسلامية. بما يعني أن هذه الأحكام إذا توفر لها فقه سياسي -تطوير فقهنا السياسي- يمكن أن تحدث مساحات لا حدود لها لاستيعاب هذه الأقليات بل ومشاركتها في بنية المجتمع الإسلامي»([26] ).
يجادل فهمي هويدي حول مفهوم الذمة فيؤكد أن القرآن لم يذكر «الذمة» إلا في آيتين هما (7 و 10 من سورة التوبة)، وذُكر ثانياً في سياق الحديث عن تربص المشركين القرشيين بالمسلمين، لذلك جاءت الآية {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} بمعنى العزم وعدم التردد في القضاء على المؤمنين، أما العهد -الذمة- المقصود في الآية فهو صلح الحديبية الموقع بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقريش. والمهم حسب هويدي أننا لا نجد في القرآن هذا المصطلح المسمى «أهل الذمة» والصفة «الذميين» مما يؤكد أنها اجتهاد فقهي بشري ليس إلا.
في السنة النبوية استخدمت كلمة «الذمي» في أحاديث مختلفة مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم «من آذى ذميًّا فأنا خصمه يوم القيامة»، «وإذا كان التعبير قد استخدم في الأحاديث النبوية، فإن استخدامه كان من قبيل الوصف وليس التعريف»([27]).
في الاتجاه نفسه وبشكل أكثر تدقيقاً، يرى المفكر الإسلامي محمد سليم العوا أن الفقه السياسي الإسلامي متخلف، وعبَّر عن بعض القضايا المهمة بشكل خاطئ لأنه لم يستند إلى الأصول التي هي القرآن والسنة، ومن هنا لابد من فقه سياسي جديد مستمد من الإسلام ويتجاوب مع الحداثة السياسية.
خلاصة الأمر عند العوا هو أن العلاقة «بين المسلمين وغيرهم من أبناء الدولة تقوم على التعاقد». من جهة أخرى فإن هذا التعاقد كان بداية الفتوحات الإسلامية بين القوة المنتصرة وأهل البلاد المقيمين. وبما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «أمر بإعطائهم ذمة الله ورسوله، ولم يقل أعطوهم ذمتكم، بل قال أعطوهم ذمة الله ورسوله وهي تعني الأمة... فهذه ولاية الله وولاية النبي صلى الله عليه وآله وسلم»([28])، وبما أن التطورات التاريخية أثرت في أطراف العقد والعقد نفسه، فإن واقع الدولة الحالية يجعلنا حسب العوا أمام الصورة التالية:
1- «الدولة الإسلامية انحلت وانهدمت ولم يعد هناك دولة إسلامية [مثل تلك التي أبرمت العقد]، والأطراف الذين أبرموا العقد لم يعودوا موجودين».
2- مع مجيء الاستعمار ساهم أبناء الدولة الإقليمية، مسلمين ونصارى، وطوائف أخرى جميعاً في طرد المحتل الأجنبي.
3- «نشأت دول إسلامية حديثة، أو كيانات جديدة أصبح لنا فيها حقوق وبات علينا واجبات متساوية يحكمها مبدأ الأكثرية والأقلية، وتحولنا إلى مواطنين، فلم يعد هناك -حسب العوا- «أحد له ذمة عند أحد». من هنا فنحن في حاجة إلى بناء قانوني جديد في علاقة المواطنين فيما بينهم.
ومن منطلق تجديدي واضح يؤكد البعض أن الإسلام ينظر في واقع الأمر «إلى من عاهدهم من اليهود والنصارى على أنهم قد أصبحوا من الناحية السياسية أو الجنسية مسلمين، فيما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات»([29])، لذلك فإن «عقد الذمة لم يعد قضية مطروحة، ليس فقط في زمننا هذا، بل منذ زمن بعيد»([30]).
ثمة إذن إجماع عام لدى التيار الإسلامي يقبل المواطنة، ويتجاوز الخطاب السياسي المتكئ على الماضي، حيث بدأت بوادر التبني الصريح للمواطنة الكاملة لغير المسلمين مع كتابات البعض التي تدعوا إلى التسامي فوق التصنيفات والطبقات القديمة، التي يشير إليها مصطلح الذمة... وقبول غير المسلمين كمواطنين لهم جميع الحقوق»([31]).
ورغم أن هذا القبول يحقق التقاء واسع مع الفكر السياسي الليبرالي، فإن الاختلاف الرئيس المبني أصلاً على اختلاف الأنماط الحضارية، يعطي للمفهوم نفسه بعدين غير متطابقين نظراً لملابسة التجربة التاريخية الأوروبية، وتباين معطيات مسارها مع الحضارة العربية الإسلامية([32]).
ولكن إلى أي حد يمكن للأطروحة الإسلامية المعاصرة أن تنجح في المساواة التامة بين المسلمين، وغير المسلمين؟ هل رؤيتها لا تتعدى حدود الأخذ المُجزَّأ بمفهوم المواطنة؟ هل تسمح الأطروحة التوفيقية القائلة بالمواطنة لغير المسلم بتولية جميع المناصب السياسية؟ بمعنى مجمل: هل عنصر المواطنة يسمح بالمساواة الكاملة؟
المبحث الرابع: مقومات واسس المواطنة:
يرتبط تطبيق المواطنة بأمور أربعة في علاقتها بالأقليات الدينية، فهو يتحدث عن المساواة ويعتبرها نظرة خاصة، ويتساءل: هل المساواة بالمطلق هي الحل؟ في نظره فإن العدل هو المنهج الإسلامي الصحيح وبالتالي فالعدل الإسلامي هو الحل. إذا تجاوزنا هذا الطرح العام وانتقلنا إلى الحقوق السياسية لغير المسلمين فإن الطرح الإسلامي الأكثر بروزاً، والمنتشر في الخطاب السياسي المعاصر، يؤكد على ما يلي:
1- أن مشاركة غير المسلمين في البرلمان، أو حتى رئاسة الدولة لا يمثل ضرراً لأن الدولة الحديثة، وأمام التطور الديموقراطي الحاصل والبناء المؤسسي للدولة، وفصل السلط يجعل من كثير من المناصب العليا للدولة لا تحمل -حسب راشد الغنوشي- سلطة مطلقة، في الوقت التي يقيدها القانون، وتخضع لعملية توازن، يفرضها تواجد مؤسسات دستورية أخرى([33]).
في الاتجاه نفسه يذهب المستشار طارق البشري، إلى أنه لا منصب في ظل الدولة الحديثة الديموقراطية يملك سلطة مطلقة، وبالتالي «يجب أن تكون جميع المناصب في الدولة الإسلامية الحديثة مفتوحة للمواطنين غير المسلمين الذين يجب أن يحصلوا على كامل الحقوق»([34]) غير أن كل من سليم العوا ومحمد عمارة، «يعترضان» على تولية غير المسلم منصب رئيس الدولة الإسلامية، ويقدم العوا حججه على النحو التالي:
1- المشاركة السياسية لغير المسلمين جائزة ولا يمكن تولية غير المسلم لمناصب تقتضي حماية الإسلام كرئاسة الدولة، أو رئيس أركان الحرب، أما قيادة وحدات من الجيش فهو أمر ممكن.
2- ما دون ذلك من الولايات غير الدينية يتولها غير المسلم ولا تطرح أي إشكال([35]).
وفيما يخص تولية المرأة لرئاسة الدولة الإسلامية يقول سليم العوا: إن المرأة تتولى هذا المنصب لأننا لسنا في دولة الخلافة القديمة.
نحن في ظل الدولة المعاصرة دولة دستورية تحكمها قوانين محددة لكل سلطة، وهناك فصل للسلط، ولا يمكن فيها أن تكون اختصاصات الرئيس هي اختصاصات الخليفة الذي كان يؤم الناس في الصلاة، ويتولى القضاء...
فيما يخالف البعض ماتقدم ، ومنهم محمد عمارة والذي «يرفض» بدوره تولية غير المسلم منصب رئاسة الدولة الإسلامية فيمكن إجمال حججه في التالي:
1- هناك خلط بين حقوق المواطنة وبين شروط المنصب، وحسب عمارة، فللقضاء شروط لا يتولاه أحد من أفراد المجتمع إلا إذا توافرت فيه تلك الشروط، ولا يمكن لمسلم أن يترأس منصب بطريركية الأقباط مثلاً.
2- نقص شرط تولية المنصب لا يعني أن هناك نقص في حقوق المواطنة.
والملاحظ أن عمارة ينحو إلى القبول برئاسة غير المسلم للدولة الإسلامية في إطار الحكم المؤسساتي بحيث يقول: «فمن الممكن أن تبقى المؤسسة ويكون غير المسلم جزءاً من المؤسسة، هنا يوجد باب للتفكير لم ينضج بعد الاجتهاد فيه لكن هناك مجالات للاجتهاد في هذا الإطار"([36]).
الخاتمة:
خلاصة الأمر أن المواطنة كما أنتجها الفكر السياسي الغربي كرَّست المساواة في الحقوق، وأعطت للنضال السياسي بُعده السلمي، بتوسيع دائرة المشاركة السياسية، دون تمييز ديني أو عرقي، وإنما باعتماد الانتماء الوطني، وهذا لا يتعارض مع الدين وإنما يحقق مقاصده في العمران، والتعايش الإنساني.
غير أن المسيرة التاريخية للمواطنة، والتفاعلات السياسية الطارئة حاليًّا مع وجود أقليات مسلمة في العالم الغربي، أخذت تظهر مطالب جديدة تكتسي طابعاً حقوقيًّا ودينيًّا في الآن نفسه، وهو ما يجعل المواطنة في مأزق حقيقي، بحيث يتحول عدم التمييز الذي تنادي به العلمانية الفرنسية مثلاً، إلى تمييز المسلمين عن غيرهم، والانتقاص من حقوقهم باسم مرجعية الدولة العلمانية. ربما مثل هذا المأزق العملي، والحقوقي الذي يمس نظرية المواطنة، جعلنا نتساءل عن إمكانية الارتكاز على مفهوم المواطنة كمنظم للعلاقات الإنسانية، فغياب المرجعية المتجانسة يؤدي بالتأكيد إلى الرجوع إلى الخصوصيات، مما يعني بدورة «عدم شمول الكلمة (المواطنة) مجموع البشر في ظلال كيان دولاني محدد»([37]).
وعلى كل، فالتجربة التاريخية للدولة، تؤكد على حقيقة دائمة الوقوع ولصيقة بالدولة المعاصرة، هي أنه «لم تصل الأمور بحضارة ما إلى أن تصنف الأفراد من دون أي تراتبية معينة، ومن دون أي معطى مسبق، سواء كان دينيًّا، أو حضاريًّا أو إثنيًّا أو لوناً أو جنساً»([38])، وبالتالي، «فالمواطنة الكاملة عمليًّا غير محققة في الواقع، ولا يمكن تحقيقها بشكل مطلق»([39])، وما يمكن الحديث عنه هو المساواة أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة([40]).
[1] ) علي خليفة الكواري: مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية، مجلة المستقبل العربي، العدد 264، السنة 2001، ص 118.
[2] ) نقلا عن: علي خليفة الكواري، المرجع نفسه ص 118.
[3] ) يقول Richard K.Fenn « يحصل مجتمع متعدد الثقافات مثل المجتمع الأمريكي على تماسكه من حقيقة أن القيم اليهودية المسيحية المعتمدة على الدين تم تأسيسها في البنى الاجتماعية وغرسها ذاتيًّا في شخصيات الأفراد إلى الحد الذي أصبح فيه طبيعيًّا اعتبار الفرد لأي من المجموعات الرئيسية أو الجماعات العلمانية الصورية، متوافقة مع الأنماط المؤسسة للقيم» راجع عبد الوهاب أفندي، إعادة النظر في مفهوم الجماعة السياسية في الإسلام: مسلم أم مواطن، مجلة المستقبل العربي العدد 264، ص 152-153.
[4] ) هيثم مناع: نفس المرجع ص 486.
[5] ) علي خليفة الكواري: مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية، مرجع سبق ذكره ص 112/113.
[6] (هيثم مناع: المواطنة في التاريخ العربي الإسلامي، مركز القاهرة لحقوق الإنسان، طبعة 1997، ص 5.
[7] (نفس المرجع ص 5.
[8] (بشير نافع: المواطنة والديموقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت الطبعة الأولى 2001، ص 174-15.
[9] ) علي خليفة الكواري: مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية، مجلة المستقبل العربي ع 264 السنة 2001 ص 120.
[10] ) عبد الكريم غلاب: أزمة المفاهيم وانحراف التفكير، سلسلة الثقافة القومية 33، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ص 60.
[11] (برهان غليون: نقد السياسة، الدين والدولة، بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 1991، ص 140 - 141.
[12] ) موسى بشير نافع: المواطنة والديموقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت الطبعة الأولى 2001 ص 77 - 78.
[13] ) طه جابر العلواني: حول فكرة المواطنة في المجتمع الإسلامي، إشكالية التحيز -رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد- محور العلوم الاجتماعية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي - سلسلة المنهجية الإسلامية (9) الطبعة الأولى ص 383.
[14] ) علي خليفة الكواري: مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية... ص 123.
[15] ) علي خليفة الكواري: نفس المرجع ص 113.
[16] ) علي خليفة الكواري: مفهوم المواطنة في الدولة الديموقراطية ص 118 - 119.
[17] (راشد الغنوشي، الحريات العامة في الدولة الإسلامية، مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت، الطبعة الأولى 1998، ص 290 - 291.
[18] ) راشد الغنوشي: حقوق المواطنة: حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي، قضايا الفكر الإسلامي (9) المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فرجينيا، الطبعة الثانية 1993 ص 88-89.
[19] ) عبد الوهاب أفندي: إعادة النظر في المفهوم التقليدي للجماعة السياسية في الإسلام، مسلم، أم مواطن، م. المستقبل العربي، ع 264، ص 150.
[20] (طه جابر العلواني: حول فكرة المواطنة في المجتمع الإسلامي، إشكالية التحيز - رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد، محور العلوم الاجتماعية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، سلسلة المنهجية الإسلامية (9) الطبعة الأولى 1995 ص 279.
[21] ) محمد سليم العوا: أهل الذمة في النظام الحقوقي الإسلامي، رؤية إسلامية، مجلة الحياة الطيبة، السنة 2003، العدد 11، ص 180.
[22] ) عبد الوهاب الأفندي: إعادة النظر في مفهوم الجماعة السياسية في الإسلام، مجلة المستقبل العربي ع 264 ص 156.
[23] ) اتسم خط التعامل الإسلامي مع « أهل الذمة» حسب المفهوم التقليدي في الفقه السياسي الإسلامي بالتسامح والعدالة بل والمشاركة في السلطة حيث لأول مرة في تاريخ اليهود وصل أحد اليهود في الدولة الإسلامية بالأندلس إلى مرتبة وزير.
[24] ) رفيق عبد السلام بوشلاكة: المواطنة في الخطاب الإسلامي، انظر المواطنة والديموقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص 257.
[25] راجع فهمي هويدي: مواطنون لاذميون، موقع غير المسلمين في مجتمع المسلمين، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثانية، ص 110.
[26] ) محمد حسن الأمين: الإسلام والديموقراطية: مجلة قضايا إسلامية معاصرة، العدد الثاني (2)، بيروت 1998، ص 231.
[27] ) فهمي هويدي: مواطنون لا ذميون، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الثالثة 1999، ص 125.
[28] (محمد سليم العوا: الدولة، الأقليات، المواطنة، المرأة في الفقه السياسي المعاصر، مجلة المنطلق، العدد 126، السنة 1996، ص 96 - 97.
[29] ) محمد سليم العوا: المرجع نفسه، ص 97 - 98.
[30] ) نقلاً عن طارق البشري: بين الإسلام والعروبة، دار القلم للنشر والتوزيع الكويت، الطبعة الأولى 1988، ص 45. راجع كذلك، محمد الغزالي: التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام.
[31] ) فهمي هويدي، مواطنون لا ذميون.. ص 125. نقلاً عن عبد الوهاب الأفندي: إعادة النظر في المفهوم التقليدي للجماعة الاسمية في الإسلام: مسلم أم مواطن، مجلة المستقبل العربي ع 264 ص 148-149.
[32] (عبد السلام بوشلاكة، الموطنة في الخطاب الإسلامي، في المواطنة والديموقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص 262.
[33] ) راشد الغنوشي: حقوق المواطنة، حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي قضايا الفكر الإسلامي (9) المعهد العالمي للفكر الإسلامي، فوجيينا الطبعة الثانية ص 77-88.
[34] ) طارق البشري/ بين الجامعة الدينية والجامعة الوطنية في الفكر السياسي دار الشروق القاهرة، الطبعة الأولى 1998، انظر كذلك المستقبل العربي ع 264 ص 150.
[35] ) طارق البشري/ المرجع السابق والصفحة.
[36] ) محمد سليم العوا: الدولة، الأقليات، المواطنة، المرأة في الفقه السياسي المعاصر، مجلة المنطلق العد 116، السنة 1996، ص 99.
[37] ) محمد عمارة، الأمة والسلطة في الدولة الإسلامية (تصورات في حدود ولاية الولي ومسؤوليات المواطنين)، مجلة المنطلق، العدد 110، السنة 1995، ص 58.
[38] ) خالد الحروب: المواطنة والديموقراطية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص 169.
[39] ) عبد الوهاب الأفندي: المرجع نفسه، ص 171.
[40] (أحمد قائد الشعيبي، وثيقة المدينة المضمون والدلالة، كتاب الأمة، العدد 110، الدوحة، كانون الثاني، الطبعة الأولى 2006، ص50 - 51.